وحيد حامد "عشان السينما تفضل حلوة".. مهرجان دبى يحتفى بالكاتب الكبير ويمنحه جائزة "تكريم إنجازات الفنانين".. 40 عاما من الإبداع صنعت سيمفونية الأستاذ.. والزعيم وأحمد زكى ونبيلة عبيد ويسرا ترجموا أفكاره

الإثنين، 11 ديسمبر 2017 03:46 م
وحيد حامد "عشان السينما تفضل حلوة".. مهرجان دبى يحتفى بالكاتب الكبير ويمنحه جائزة "تكريم إنجازات الفنانين".. 40 عاما من الإبداع صنعت سيمفونية الأستاذ.. والزعيم وأحمد زكى ونبيلة عبيد ويسرا ترجموا أفكاره وحيد حامد
العباس السكرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وحيد حامد.. كاتب استثنائى فى تاريخ السينما المصرية، مؤرخ ومؤلف وسيناريست ومنتج، منح حياته للكلمة والسينما، وأخلص لمهنته بعقل وخلق وضمير وطنى واع، وعين كاشفة ومستشفة للأحداث، هو كاتب يعلم معنى الكلمة ويعرف أنها خُلقت لتغيير واقع، يؤمن أن حياد الأشياء موت لها، لذلك ظل يناضل بكلمته وقلمه وريشته السينمائية البديعة التى رسمت مشاهد حية عكست واقع المجتمع العربى كله بهمومه وأحلامه، كان بطلها المواطن بكل فئاته الفقير والكادح والعاطل والباطل والفاسد والسياسى والباشا، حتى صنع سيمفونيته السينمائية، التى أثرت فى العالم العربى كله.
 
 
ولم يكن غريبًا أن تختاره إدارة مهرجان دبى السينمائى لتتويجه فى حفل افتتاح الدورة الـ 14، التى انطلقت مساء الأربعاء الماضى وتكريمه بجائزة «تكريم إنجازات الفنانين»، وصعد الكاتب المصرى المخضرم على المسرح بجوار نجوم العالم كيت بلانشيت وعرفان خان ليتسلم تكريمه وسط تصفيق حاد من النجوم المصريين، الذين حضروا الاحتفاء بالكاتب الكبير، وعلى رأسهم يسرا وأحمد عز وصفية العمرى ومنة شلبى، ودنيا سمير غانم، ومنى زكى وأحمد حلمى، وانهالت التهانى على الأستاذ، وبدا وحيد على المسرح أكثر بريقا ولمعانا وقوة، كعادته فى الحياة والسينما.
 
بالطبع تكريم الكاتب الكبير من إدارة مهرجان دبى السينمائى جاء تقديرا لمسيرته السينمائية المضيئة، وإنجازاته فى السينما العربية، حيث ذكرت إدارة المهرجان فى بيان لها، أن الجائزة تأتى إنجازًا لأعمال الكاتب المبدعة والمثيرة للنقاش وإنجازاته القيمة، التى أسهمت فى تطور السينما المصرية بشكل خاص والعربية بشكل عام، فوحيد حامد صاحب تراث سينمائى متنوع ومختلف، له بصمات مع كل نجوم المرحلة، من فنانين ومخرجين، على رأسهم عادل إمام، نور الشريف، أحمد زكى، محمود عبد العزيز، نبيلة عبيد، يسرا، ليلى علوى، إلهام شاهين، وغيرهم، وفى إطار تكريم الكاتب الكبير من مهرجان «دبى السينمائى» تحتفى «اليوم السابع» بالكاتب وتلقى الضوء على بعض من لمحات مشواره الطويل.
 

من الصحافة إلى الإذاعة ثم السينما

ربما لا يعلم كثيرون أن الكاتب الكبير عمل فى مطلع حياته بالصحافة، لكنه لم يستمر فيها طويلا وتركها، وإن كان عاد إليها فيما بعد، بعدد من المقالات المهمة، التى تناولت مرحلة من أخطر المراحل فى تاريخ البلد.. عقب تركه العمل فى الصحافة اتجه وحيد حامد لكتابة المسلسلات الإذاعية حتى أصبح رائدا فى الكتابة للإذاعة (عندما يموت الخوف، قانون ساكسونيا، نهاية ليل، عاشور رايح جاى، الفتى الذى عاد، الرجل الذى يريد أن يضحك، لو كنت منافقًا، صياد الجواسيس، الإنسان يعيش مرة واحدة، رحلة إلى كوكب السعادة، طائر الليل الحزين)، ثم جاء موعد لقاءه بالسينما أواخر السبعينيات بعد نجاح مسلسل «طائر الليل الحزين»، فى الإذاعة، واتفقت معه إحدى شركات الإنتاج على تحويله الإذاعى لفيلم سينمائى، بأجر ألف وخمسمائة جنيه ووافق الكاتب.
 
 
يقول وحيد حامد لـ«اليوم السابع» عن تلك الفترة: «تقاضيت المبلغ، ولم أعترض أو أجادل، وفجأة التقيت النجم محمود مرسى فى كواليس العمل، وأشاد بالحوار والسيناريو، وقال لى: «قبضوك كام» فقلت له: «ألف ونص»، وكان قد أبدى إعجابه الشديد بالسيناريو والحوار، فطالب شركة الإنتاج بزيادة أجرى، وبالفعل تقاضيت ألف جنيه زيادة، وابتدا مشوار وحيد حامد للسينما، بدأ مشواره ورحلته التى بلغت نصف قرن عطاء متواصل لم ينقطع أبدًا، مع عمالقة الفن العربى فى العالم.

وحيد حامد وعادل إمام.. "مسجل إبداع"


فى السبعينيات التقى وحيد حامد مع الزعيم عادل إمام فى الإذاعة قبل السينما، عبر مسلسلات «الإنسان يعيش مرة واحدة»، و«طائر الليل الحزين»، ونجحت الأعمال، وارتبط الثنائى بأواصر صداقة قوية منذ ذلك التاريخ، هذه الصداقة ليست كالتى تنشأ بين نجم وسيناريست، لكنها صداقة من نوع خاص، بها كثير من الاحترام والحب والمودة، وبعد عدة أعمال إذاعية جمعت بين الاثنين اتفقا على تقديم أول مسلسل درامى يجمعهما فى التليفزيون بعنوان «أحلام الفتى الطائر» إخراج محمد فاضل، وقتها تمرد الزعيم على أدوار الكوميديا، التى لمع فيها سينمائيا واختار تغيير جلده مع وحيد حامد ليبدأ مرحلة جديدة، رغم أن الزعيم فى هذا التوقيت كان نجم الكوميديا الأول بعد أن احتل فيلمه «رجب فوق صفيح ساخن» عرش الإيرادات واستمر عرضه فى السينمات أكثر من 35 أسبوعا، لكن بعد جلسات عمل جمعت بين الزعيم والأستاذ اختار عادل إمام أن يجسد دور «إبراهيم الطاير» والابتعاد عن الكوميديا، رغم أن نجوم الكوميديا (إسماعيل يس، فؤاد المهندس، أمين الهنيدى، محمد عوض)، كانوا يخشون التمرد على هذا اللون.. ونجح المسلسل الدرامى وبدأ التعاون يزدهر بين الكاتب الكبير والزعيم، وكان أول عمل سينمائى يجمعهما فيلم «انتخبوا الدكتور عبد الباسط سليمان» إخراج محمد عبد العزيز عام 1981 وفى نفس العام قدما معا فيلمهما الثانى «الإنسان يعيش مرة واحدة» للمخرجة سيمون صالح وشاركته البطولة يسرا.
 
 
بعد الفيلمين دخل وحيد مع الزعيم مرحلة مختلفة وجديدة، قدما معا فيلم «الغول» عام 1983 وبعده «الهلفوت» لتحقق الافلام نجاحا كبيرا وتحدث نقلة فى سينما الزعيم وأيضًا سينما الأستاذ وحيد، ومع مطلع التسعينيات يعود وحيد حامد لـ عادل إمام تقريبا بعد انقطاع 6 سنوات من العمل، ذهب كل منهما لتقديم تجارب أخرى ناجحة، ليعودا بفيلم «مسجل خطر» إخراج سمير سيف، ثم يشكل وحيد حامد مع شريف عرفة وعادل إمام ثلاثى مهم فى السينما المصرية، بدأت بـ«اللعب مع الكبار» و«الإرهاب والكباب» و«المنسى» و«طيور الظلام» و«النوم فى العسل»، لتّخلد هذه الأعمال فى تاريخ السينما العربية، وتحقق أعلى نسب فى المشاهدة، وأيضًا فى الجدل السياسى والفكرى.
 
 
وحيد حامد أحب جرأة عادل إمام، وإقدامه على التنوع والتمرد على التقليدية فى الأدوار لذلك يقول عنه: «الأجيال التى سبقت عادل إمام من نجوم الكوميديا كانوا يخشون الابتعاد عن هذا اللون، الذى عرفهم به الجمهور، باستثناء عادل الوحيد، الذى تجرأ وكسر القاعدة».

 

 

نور الشريف ومحمود عبد العزيز فى سينما وحيد حامد

كان قدرا أن يكون محمود عبدالعزيز بطل الفيلم الأول لوحيد حامد «طائر الليل الحزين»، ليثمر التعاون بينهما عن عدد من الأعمال منها مسلسل «البشاير»، الذى صنع شعبية لمحمود عبدالعزيز فى البيوت المصرية، بالثمانينيات، وفيلمه «سوق المتعة»، الذى أحدث جدلا وقت عرضه وحقق نجاحًا، لكن إبداع وحيد حامد مع النجم الراحل نور الشريف، يختلف عن محمود عبدالعزيز، حيث أبدعا معًا فى أعمال خالدة منها رائعة «آخر الرجال المحترمين»، الذى ظهر فيها نور بشخصية «الأستاذ فرجانى» وهى شخصية يحبها كثيرًا وحيد حامد، بها كثير من الاحترام والحب، وحيد أحب نور الشريف وكان قريبًا لقلبه وقال عنه إنه أخلص لمهنته تمامًا فى التمثيل والإنتاج والإخراج.
 

 

 

مع أحمد زكى «اضحك الصورة تطلع حلوة»


من أحب الأفلام لقلب الكاتب الكبير وحيد حامد، فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة» بطولة أحمد زكى، ويسرا وسناء جميل، للمخرج شريف عرفة.. وحيد يحب الفيلم ويحب سناء جميل أيضا، ويرى أن هذا العمل هو الأقرب له، يفرح عندما يشاهده، ويتذكر تفاصيل كل مشهد وحركة، ورغم التعاون السينمائى، الذى جمع بينه وبين أحمد زكى فى أكثر من فيلم ناجح ومهم «البرىء»، «التخشيبة»، و«معالى الوزير»، إلا أنه يحب أحمد زكى فى «أضحك الصورة تطلع حلوة». على المستوى الإنسانى aبقوله «حالة نادرة» ويؤكد: «كان يعشق التمثيل أكثر من ابنه، وأجاد جميع الشخصيات التى قدمناها معا»، ومن المواقف الإنسانية، التى تركت أثرًا فى نفس الكاتب الكبير تجاه صديقه أحمد زكى، موقف جمعه به قبل رحيله بأيام فى شتاء مارس عام 2005 عندما كان النجم أحمد زكى يعيش أيامه الأخيرة داخل المستشفى، وذهب لزيارته الكاتب فوجده خارجا من غرفته الخاصة على «كرسى متحرك» ويقف أمام «الأسانسير» متجهًا إلى دور آخر فى المستشفى لإجراء بعض الفحوص الطبية.. مشهد اللقاء كان صعبا ومؤثرا خصوصا عندما استقل وحيد الأسانسير مع أحمد زكى ليفاجأه قائلًا: «بقولك يا وحيد ما تجيب كاميرا تصوير وتصورونى وأنا تعبان كده، مش يمكن أدخل فيلم جديد وأعمل فيه شخصية رجل عيان فيبقى عندنا مشاهد جاهزة»، صمت الكاتب وقال: «ربنا يقومك بالسلامة يا أحمد»، المشهد ترك أثرًا كبيرًا فى حياة وحيد حامد من 2005 وحتى الآن، ولايزال يتذكره كما لو كان حصل اليوم، وهو يردد: «الله يرحمك يا أحمد أخلصت كل الإخلاص لعملك».
 

tumblr_inline_o2ip2wSHV71tya2hl_400

وحيد حامد.. بعيدا عن كونه كاتبا فريدا ومميزا، هو الإنسان كما ينبغى أن يكون، والوطنى الذى يحمل هموم بلده، وأحلام الناس على كتفيه ونصب عينيه، خصوصا المهمشين منهم، لذا يعيش دائما على أرض التوتر والانفعال، رغم الهدوء والإبداع الذى يتمتع به الكاتب الكبير.. وبقدر حب وحيد حامد لفيلمه «اضحك الصورة تطلع حلوة» نحبه نحن، ونريده دائمًا أن يكتب ويبدع «عشان السينما دايما تفضل حلوة».










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة