أكرم القصاص - علا الشافعي

سوزان بدوى تكتب : رحلة إلى سيناء

الخميس، 27 أبريل 2017 10:00 م
سوزان بدوى تكتب : رحلة إلى سيناء سيناء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى غمرة قيظ الظهيرة، قبل مشارف العريش بالطريق السريع - وقفت على جانبه سيارة حمراء يبدو أنها عانت وعثاء سفرٍ طويل فأبت إلا أن تسكن دون حراك، وقد وقف إلى جوارها صاحبها المهندس علاء وزوجته مها وهما فى العقد الرابع من العمر، وبالمقعد الخلفى للسيارة جلس طفلاهما عمرو ذو العشر سنوات، وسارة فى الثامنة، حيث بدأت رحلتهم من القاهرة مع فجر ذلك اليوم وهى الرحلة التى وعدهم بها الأب الذى عمل قبل سنوات مهندساً زراعياً بمدينة الشيخ زويد، ولطالما قص عليهم قصصاً عاشها أثناء عمله هناك - حيث حدثهم عن سيناء أرض الفيروز وعن الشيخ زويد وأنها سميت كذلك نسبةً إلى أحد أولياء الله الصالحين حيث يتواجد مقامه بها، إلا أن الاسم القديم لها كان أنيتدون ومعناه زهرة المباهج - إذ كانت وما تزال مزدهرة بالحدائق الغناء وزراعات الفاكهة والقمح والشعير، إلى جانب كونها مدينة سياحية رائعة، كما حدثهم الأب عن مدن سيناء البديعة وشواطئها الخلابة، وكلما استمعت الأسرة إلى تلك الحكايات ازدادت لهفةً للقيام بهذه الرحلة، وأثناء ساعات السفر استمر علاء فى حديثه عن القنطرة شرق وغرب وأن كلاهما اكتسب أهميةً عسكرية كمحورين للعبور على قناة السويس، وعن العريش وموقعها الاستراتيچى وأنها مركز للأنشطة الثقافية والاجتماعية فى سيناء، إلى جانب بئر العبد التى تكثر بها أشجار النخيل الباسقات الجميلات، وعن رفح والحسنة ورأس سدر وسانت كاترين، كما شوقهم بحديثه عن سياحة السفارى فى الأودية والجبال فراحوا يتخيلون متعتهم عند زيارة تلك الجنان الساحرة لا يقطع الحديث والتخيلات سوى عدد من الأكمنة الأمنية على طريق السفر كانت توقفهم للتفتيش .

وهنا تساءلت سارة عن سبب وجود هذه الأكمنة، فأجابتها أمها : لتحقيق الأمن والأمان والكشف عن أى أعداء، فقاطعها عمرو : أعداء ؟! وهل نحن فى حرب ؟! فأجاب الوالد : نعم يا ولدى إنها الحرب ضد الإرهاب الذى تقوم به الجماعات الضالة التى أساءت إلى الدين بالتكفير واستحلال الدماء لنشر الفتنة فى البلاد، وهنا مالت سارة نحو أخيها هامسةً فى أذنه : أنا خائفة - فطمأنها عمرو رغم إحساسه ببعض الخوف : لا تخفى فشرطتنا وجيشنا قادرون عليهم - وإذا بصوتٍ يصدر عن موتور السيارة تبعته كركرة وتقطيع فى حركة السير فالتجأ علاء إلى جانب الطريق حيث توقفت السيارة عن الدوران وهنا أدرك الأب أنه وأسرته سيواجهون المتاعب، فخرج ليستكشف سبب العطل لكنه وإن كان مهندساً زراعياً ماهراً إلا أنه فاشل كل الفشل فى ميكانيكا السيارات فوقف حائراً متوتراً، وشاركته زوجته هذا الوقوف الحائر بطريقٍ خاوٍ من المارة والسيارات، وحيث بدأ القلق يتمكن من قلب الأب إذا بالأم تصيح : انظر هناك إنها خيمة، فطالب علاء طفليه النزول من السيارة، وترجلوا جميعاً نحو تلك الخيمة، وعندما اقتربوا منها وجدوها قد أحيطت بالعديد من المناضد التى امتلأت بالمشغولات اليدوية البديعة وأدوات الزينة والأوانى الفخارية والسجاد والجلابيات المطرزة، وإلى جانب هذه المعروضات يقف رجل وسيدة فى سن الشباب يرتديان الملابس البدوية فألقوا عليهما التحية، وأخبرهما علاء بما حدث طالبا منهما استضافة أسرته لحين البحث عمن يساعده فى إصلاح السيارة، فرحبا بهم ترحيباً يجسد الكرم البدوى الأصيل وقدما لهم التمر والحليب، وقدم الشاب البدوى نفسه : أنا فواز وهذه زوجتى ونحن نتواجد هنا يومياً لبيع هذه المنتجات للسياح - فتساءل عمرو : وكيف يعرفون أنكما هنا فيأتون للشراء ؟! فأجابه : مرشدو الحافلات يعرفون مكاننا ويقفون عند هذه النقطة من الطريق فيتوجه الجميع إلينا لمشاهدة المعروضات والشراء، وعقبت الزوجة البدوية : ولكن كما ترون الطريق خالٍ وحركة السيارات نادرة، ومنذ انتشار الأكمنة العسكر هنا ونحن لا نجن سوى وقف الحال والكساد، فرد علاء : عسكر؟! تقصدين الجيش ؟ وهل الجيش هو الذى أوقف الحال أم ما تقوم به الجماعات الإرهابية من عنفٍ وسفك للدماء ؟ فرد فواز : لا ندر يا أخى ولكن ما جنيناه هو ندرة الرزق، فهذه المشغولات أنتجتها مجموعة من أيدى المهرة من أبناء سيناء، وكانت تدر على الجميع دخلاً كبيرا

 ولكن كل شيءٍ تأثر بالأحداث حتى الزراعة والصناعة، فتساءلت الصغيرة : وهل هذا سببه وجود الجيش ؟! فرد أخوها فى غضب : لا طبعاً - الجيش يحارب الإرهابيين الذين أن تركهم سفكوا الدماء ونشروا الرعب، وهنا تذكر الأب السيارة المعطلة فاستأذن للذهاب ليوقف إحدى سيارات النقل التى أقلته إلى أقرب نقاط الشرطة، وفى هذه الأثناء كانت الأسرة تستمتع بمشاهدة المعروضات وشراء بعضها، حيث حظيت سارة بنصيبٍ وافرٍ من الحلى الرائعة، وفجأة رأى الجميع إحدى سيارات الدفع الرباعى تتجه نحوهم بسرعة فتقف أمامهم ليخرج منها ستة مسلحين أطلقوا النار فى الهواء ثم أحاطوهم وقام اثنان منهما بجمع المعروضات ووضعها بالسيارة، وقد حاول فواز أن يثنيهم عما يفعلون لكنهم أردوه أرضاً وعاملوه ومن معه بعنفٍ شديد ثم طلبوا من الجميع التوجه إلى السيارة تحت تهديد السلاح، وهنا ساق القدر علاء وبصحبته أحد الضباط فشاهدا ما يحدث عن بعد، وهنا أدرك الضابط الأمر فاتصل لطلب النجدة ثم أخرج سلاحه وأخذ يطلق النار فى الهواء خلف تلةٍ صغيرة لإرباك المسلحين الذين سارعوا بالاختباء خلف السيارة بينما انبطح المختطَفين على الأرض فى حين تبادل الضابط إطلاق النار مع المجرمين، وبينما الأب يحاول التسلل للوصول إلى أسرته أصابت قدمه رصاصة فلم يأبه بها وواصل التقدم و ماهى إلا لحظات حتى وصلت مدرعتان للجيش والشرطة فحاصروا أفراد العصابة واشتبكوا معهم وقبضوا عليهم إلا أن أحدهم قد تمكن من اقتياد زوجة فواز إلى السيارة محاولا الفرار بها لكن أحد الضباط وبمهارةٍ فائقة أطلق رصاصةً صوب المجرم لتسكن رأسه فترديه قتيلا، فقام الضباط البواسل بمساعدة الشابة البدوية حيث لم تسطع الوقوف على قدميها من هول الفزع، كما ضمد أحدهم جرح الأب الذى كان سطحياً، بينما ساعد الجنود فواز فى إعادة المعروضات إلى مكانها، وخصص القائد جندى حراسة ليقف بهذه المنطقة لتوفيز الأمان لهما يومياً، وهنا نظرت زوجة فواز إلى الضباط والجنود قائلةً والدموع تنهمر من عينيها : سأعتز من اليوم بكل من يرتدى هذا الزى وأشير إليه بكل فخر وسأتباهى أن لبلدى جيشاً وشرطةً لا أمان لنا ولا حياةَ إلا بهما فصاح فواز : صدقتى يا نوارة فأنا لو قبَّلت يد كل فرد فيكم ما وفيتكم الحق، فرد أحد الضباط هذا واجبنا ونحن منكم وأنتم أهلنا فقالت مها مخاطبةً نوارة : واعلمى أن الخير والأمان آتيان لا محالة بعد أن يقضى جيشنا على الإرهاب فى سيناء وستزدهر الزراعة ومعها الصناعة وسيتحقق النماء، وهنا قاطعها القائد : وأنا أبشركم بعدة مشروعات تقوم بها الدولة بسيناء، ويتولى جيش مصر العظيم الإشراف عليها بما يسهم فى ازدهار أرض الفيروز وتحقيق الرفاهية لأهلها ولمصر كلها، فاطمئنوا لأننا سنبقى دائماً يداً تحمل السلاح ويداً تبنى، وهنا زخرت نفوس الجميع بالسعادة، وتوجه عمرو بعفوية الطفولة ليرفع يده بالتحية العسكرية للضباط والجنود، فضج الجميع بالضحك، وقامت نوارة بتوزيع التمر السيناوى على الجميع وسط حالة من البشر والتفاؤل والأمل فى مستقبلٍ واعدٍ لسيناء ولمصر كلها.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

مها عثمان

قصة قصيرة

قصة قصيرة تحمل الكثير من المتعة والإثارة والثقافة وهكذا تمتعنا الأستاذة سوزان بدوي بفن القصة القصيرة كما تمتعنا بالشعر والمقالات

عدد الردود 0

بواسطة:

سفير أدهم السعدي

وصف رائع

وصف رائع لمعالم سيناء أرض الفيروز وتأكيد واع على دور جيشنا العظيم من خلال فن القصة القصيرة

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد صادق

كل التحية

كل التحية أستاذة سوزان لدورك الوطني المطل من كل ما تقدمينه من أدب وقصص وشعر

عدد الردود 0

بواسطة:

حسين سالم الصاوي

بنت النيل

بنت النيل الأديبة والشاعرة -- كل التحية أستاذة سوزان شوقتينا لزيارة أرض الفيروز

عدد الردود 0

بواسطة:

غصن الزينون

رووووووووعة

روووووووعة عاشت أرض الفيروز وعاش جيش مصر وتحيا مصر أم الدنيا ومنبع الفنون والآداب

عدد الردود 0

بواسطة:

جمال مقبل

دائما

دائما ما تقدم لنا الكاتبة الجديد فتحية لها وتحيا مصر

عدد الردود 0

بواسطة:

روان منصف

عشت معها

عشت مع القصة القصيرة وكأني إحدى بطلاتها وتمنيت زيارة سيناء التي لم أرها من قبل مع الوصف الممتع والرسالة الوطنية

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة