محمد أبو عوض

إلى من يهمه الأمر.. "كرداسة" خالية من الإرهاب عائمة فى المخدرات

الأربعاء، 11 أبريل 2018 08:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لفترة طويلة كانت كرداسة صداعا أمنيا، التاريخ القريبة والرؤية الموضوعية يدفعان للاعتراف بأن هذه المدينة ريفية الطابع، بقراها وتوابعها، كانت رافدا للإخوان وجماعات التطرف طوال سنوات، وبعد ثورة 30 يونيو وجهود متواصلة من الدولة ومؤسساتها، تطهرت كرداسة من دنس الجماعات الإرهابية، ولكنها سقطت فى مستنقع تجار المخدرات.

أعلم جيدا أن اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية، أحد أبرز وأمهر القيادات التى تربت داخل واحد من أفضل أجهزة الأمن والمعلومات، جهاز أمن الدولة سابقا (الأمن الوطنى حاليا)، والرجل بحكم الخلفية الأمنية والمعلوماتية العريضة لا يتحرك إلا وفق معلومات مؤكدة، ولا يتحدث دون معرفة حقيقية، ولا يعلم ويصمت، أو يقدر ويتجاهل، ولهذا أضع بين يديه شواهد ومعلومات وأدلة ترقى لدرجة اليقين، وتختزل معاناة ما يقرب من 400 ألف مواطن من أبناء مركز كرداسة التابع لمحافظة الجيزة.

هذه السطور استغاثة مباشرة للواء مجدى عبد الغفار، وبلاغ عاجل، وصرخة تحمل كل معانى الألم والوجع جرّاء ما يحدث فى مركز كرداسة، سواء فى القرى والتوابع، أو حتى فى الظهير الصحراوى الذى يبعد عدة كيلو مترات عن مناطق صناعية مهمة ومرافق ومؤسسات ومنشآت حيوية للدولة المصرية، والبطل فى هذه الصرخة هم مافيا تجارة المخدرات، الذين ينالون من أمن الناس، ويشكلون بؤرة خطر وتهديد مشتعلة، ليس فقط لحياة المواطنين وأرواحهم، وإنما لمؤسسات الدولة وهيبة القانون.

فى هذه المدينة الريفية وتوابعها، أصبحت تجارة المخدرات واقعا يوميا بائسا يصطدم به الناس، وأصبح تجار هذه السموم مراكز قوة تعلن عن نفسها صباح مساء، بتبجح وغطرسة ودون رادع أو مانع، ووصل الأمر لمرحلة يمكن اختزال الصورة فيها بالقول أن كرداسة أصبحت ملعبا مفتوحا لتجارة المخدرات، هكذا دون تهويل أو تضخيم، أصبحت الصورة قاسية ووصلت لمدى مؤسف.

قرية «كومبرة» واحدة من أكبر قرى كرداسة، تحولت من قرية هادئة ومسالمة، والقرية المثالية على مستوى محافظة الجيزة لأكثر من مرة، إلى مجتمع تحت حصار القوة وبلطجة تجار المخدرات، يعيش على أطرافها من يبيع الحشيش والبانجو، ويؤسس الخارجون على القانون فى حدودها مركزا لتوزيع "البودرة" لعدد من المحافظات والأحياء الشعبية، حتى تحولت القرية بكاملها إلى ساحة مفتوحة للبلطجية، وسوقا ضخمة لتداول المواد المخدرة بكميات كبيرة وعلى نطاق واسع.

لن أخفيك سرًّا يا سيادة الوزير، ما يحدث على «الطريق الأبيض» لا يمكن أن يكون مقبولا فى دولة مؤسسات، تنتصر للقانون وترعى هيبته، تحت راية مؤسسة أمنية عريقة ومتماسكة، فـ«الطريق الأبيض» بنطاق الجيزة، إحدى محافظات القاهرة الكبرى وشريكة العاصمة فى مركزها السياسى، اتشح بالسواد والدم، بسبب ما يشهده من حالات بلطجة وسرقة وقتل، مع انتشار ما يُعرف لدى أصحاب الكيف بـ«الدواليب»، أى أوكار ومراكز بيع المخدرات وترويجها، وأعمال الشغب والاشتباكات وفرض السيطرة التى يمارسها هؤلاء المجرمون، وسط غياب أمنى واضح، وضعف وقلة حيلة طبيعيين من الأهالى البسطاء ومستخدمى الطريق والقاطنين فى نطاقه.

نظرة يا سيادة الوزير، فليس معقولا أن نخرج من حفرة لـ«دحديرة»، ومن بِركة لمستنقع، فما أن استبشرنا خيرا بالتخلص من الإرهاب، بعدما فرض نفسه علينا طويلا، حتى وجدنا أنفسنا متورطين فى إرهاب من نوع آخر، أخطر وأشرس، وبعدما كان مركز كرداسة معقلا لقادة الإخوان وشبيهاتها من جماعات الإرهاب، أصبح مسرحا مفتوحا للبلطجية وتجار المخدرات والمسلحين والخارجين على القانون، ولا أشك فى أن سيادتكم لن تختلف على أن من حق الأهالى أن ينعموا بحياة هادئة ومستقرة، دون منغصات الإرهاب أو البلطجة.

كرداسة التى تقر الآن بالفضل لضباطنا وجنودنا الذين ضحوا بأرواحهم ونزفوا دماءهم الذكية على أرضها، لتطهيرها من دنس الإرهاب، تئن تحت وطأة تجار المخدرات، وتستنكر إهمال تضحيات هؤلاء الأبطال، بالصمت على جرائم إرهابيين جدد، احتلوها وفرضوا عليها منطق القوة، وسرقوا منها هدوءها وأمنها.

سيادة اللواء مجدى عبد الغفار، أكتب إليك محتميا بك، وزيرا وضابطا، وبأبطال الشرطة وعيونها الساهرة على أمن مصر، فنحن قطعة من مصر، ونثق فى أنه لا يرضيكم ما نتعرض له، وأنكم لن تصمتوا عليه، كرداسة أصبحت خالية من الإرهاب، ولكنها الآن عائمة فى المخدرات، وكلاهما خطر وتهديد للناس وانتقاص من الأمن وهيبة القانون، وبينما نعيش الآن أياما قاسية، تعرض أهلى وجيرانى فى قرية « كومبرة » لتهديدات واعتداءات مباشرة من تجار المخدرات الذين سيطروا على المنطقة، أثق فى أن صرختنا ستجد أذنا مصغية، وإرادة فاعلة، واستجابة عاجلة ومؤثرة، وأنكم لن تتركونا فى العراء، نهبا للبلطجة وفرض السيطرة وسموم المخدرات.

أناشدكم يا سيادة الوزير أن تبادروا بإنقاذ كرداسة، وتمنعوا تحولها لـ « جعافرة » أو «نخيلة» جديدة، ساعدوا «كومبرة» على أن تظل قرية مثالية، آمنة، وخالية مما ينتهك القانون ويلوث هيبة الدولة، ساعدونا على أن نتحرك ونعيش آمنين على أنفسنا وأولادنا، وعلى أن نخرج من الوحل الذى لطخ به الخارجون على القانون وجه المدينة ولوثوا به طرقها وسكك أهلها، وكما خلصتمونا من الإرهاب، أرجوكم، أنقذونا من مستنقع البلطجة والمخدرات.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة