محمد الدسوقى رشدى

سقوط نظرية نفاق الرأى العام

الخميس، 03 مايو 2018 12:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذا الوطن يحتاج إلى ماهو أفضل، والطريق للأفضل تسبقه عملية تجريب، والتجارب المستمرة تحدد طبيعتها الظروف التى نعيشها منذ 25 يناير 2011، لذا كثرت التجارب وتعددت غير أن حصادها لم يكن على مستوى المتوقع منها.
 
تعدد التجارب وتكرار الصواب والخطأ فى مصر خلال السنوات الماضية ليس أمرًا معيبًا فى وطن عاش ظروفًا صعبة، وسط منطقة ملتهبة وأجواء دولية غير منضبطة، لذا يعرف أهل الصبر أن هذه التجارب وإن لم تؤتِ ثمارها فى الماضى، هاهى تطل علينا بإعادة تشكيل للصورة القائمة سياسيًا وإعلاميًا ونخبويًا بتفاصيل ونتائج ربما تناسب حجم الصبر وتكلفة التجربة.
 
أتفهم جيدًا، وعليك أيضًا فعل ذلك، أن وجود الصوت الآخر، المختلف معك، المضاد لأفكارك ضرورة بدونها لا يكتمل تأسيس دولة قوية، لذا فالنقد حق، والاختلاف حق، والاعتراض حق، وطرح وجهات نظر مختلفة حق.. ولكن هذا الحق كيف تستخدمه وتمارسه، تلك هى المشكلة!
قطاع عريض من النشطاء سواء نشطاء السياسة أو نشطاء الفيس بوك أو الإعلام ومعهم بعض السياسيين أعلنوا غضبهم أكثر من مرة ورفضهم المتكرر لما يفعله إعلاميون وسياسيون وكتاب يقدمون أنفسهم للسلطة بتوجيه اتهامات التخوين والعمالة دون دليل أو توثيق، كثير من النشطاء أعلنوا كرههم للوطن والحياة حينما نشر بعض خصومهم صورًا شخصية، وحينما خاض بعض المذيعين فى حياة الناشط الفلانى الشخصية أو الناشطة الفلانية العلانية، وكان موقف النشطاء واضحًا من رفضهم محاولات السخرية من رموزهم، ومن ثورة 25 يناير.. وكل هذا حق، أو بمعنى أصح كلام جميل «منقدرش نقول حاجة عنه» كما علمتنا السيدة ليلى مراد فى أغنيتها الشهيرة.
 
ثم تأتى لكن بكامل استدراكها لتفضح المشكلة وطبيعتها، نفس النشطاء الذين يرفضون توجيه الاتهامات بالخيانة والعمالة وتوزيع صكوك الوطنية، ويكرهون السخرية من البرادعى أو حمزاوى أو باسم يوسف، ويشمئزون من انتهاك الحياة الشخصية لبعضهم، ارتكبوا خطيئة النهى عن الفعل والإتيان بمثله، نفس النشطاء الذين كرهوا التخوين وتوزيع صكوك الوطنية والسخرية من أبناء تيارهم السياسى هم أنفسهم الذين ينصبون منصات توزيع اتهامات الفساد والتخوين على بعض المسؤولين وعلى بعض رموز التيار السياسى المضاد لهم فى التوجه، نفس النشطاء الذين رفضوا السخرية من ثورة 25 يناير ورموزها هم الذين يسخرون من 30 يونيو ورموزها، نفس النشطاء الذين يرفضون لعبة توزيع صكوك الوطنية هم أنفسهم يفترشون أرض الميادين وصفحات الفيس بوك لتوزيع صكوك الشرف والثورية، ونفس النشطاء الذين يرفضون غضب رجل الشارع العادى من تبجح باسم يوسف أو من بعض المعارضين والإخوان الذين يشمتون فى أى أزمة تمر بها مصر هم أنفسهم النشطاء الذين يغضبون حينما يتهمهم إعلامى ما أو نائب ما بأنهم عصابة تمويل أجنبى.
 
تلك هى آفة من يتصدرون المشهد الآن، تحت شعار تقويم السلطة، فكيف يقتنع الناس بأن تيارًا معوجًا وغير منظم قادر على تقويم تيار آخر إذا كان هو نفسه يعانى من ميل أخلاقى ومنهجى وفكرى يصل فى بعض الأحيان إلى مرض، مرض يعمى بعضهم عن رؤية الفرق الطفيف بين الخصومة مع سلطة سياسية والخصومة مع الوطن ذاته، مرض يدفع قلوبهم لأن تشتبك بقلة أدب مع جيشهم عندًا فى إدارة سياسية بغض النظر عن النتائج، وأن يشمتوا فى كوارث وطن، كيف لرجل الشارع العادى أن يأتمن مراهقًا على مستقبل وطنه السياسى، كيف يمكن لرجل الشارع العادى أن يثق فى تيار سياسى يجتهد لاستخراج نكتة أو إفيه لإهانة خصمه أكثر من اجتهاده فى دراسة حالة أو تقديم بحث أو رؤية يساعد بها الوطن والشعب.
 
يهوى الكثيرون حصر وتعداد أخطاء السلطة والقريبين منها، وشرحها وعرضها فى بيانات وعناوين براقة طمعًا فى لايكات الفيس بوك أو رسائل تخبرهم بأنهم الجدعان والمناضلون، ويخشى الكثيرون من حصر وتعداد أخطاء النشطاء والمعارضة وشرحها للناس خوفًا من أن يتم اتهامه بنفاق السلطة، بينما واحدة من أبرز حقائق سنوات ما بعد 25 يناير أن نفاق الرأى العام، ونفاق فئة النشطاء، وموالسة التيارات التى منحت نفسها ألقابًا ثورية لبعضها كان أخطر بكثير عن المسار الديمقراطى والمؤسسى فى مصر من نفاق السلطة.. أفلا تعقلون؟!









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة