سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 يوليو 1954.. «مناقشة بين عبدالناصر وفتحى الديب وأحمد سعيد حول «أمازيغ الجزائر» واستضافة معارضين عرب فى «صوت العرب»

الأربعاء، 03 يوليو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 يوليو 1954.. «مناقشة بين عبدالناصر وفتحى الديب وأحمد سعيد حول «أمازيغ الجزائر» واستضافة معارضين عرب فى «صوت العرب» فتحى الديب وأحمد سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توجه فتحى الديب مسؤول دائرة الشؤون العربية برئاسة الجمهورية ومؤسس برنامج «صوت العرب» إلى مقر مجلس الوزراء.. كان معه المذيع أحمد سعيد وطاقم هندسى من الإذاعة، لتسجيل كلمة مع جمال عبدالناصر رئيس الوزراء ظهر يوم 3 يوليو «مثل هذا اليوم»، 1954، تحية لبرنامج «صوت العرب» الذى زاد إرساله ساعتين يوميا، من السادسة إلى الثامنة مساء.
 
كان أحمد سعيد هو، رئيس البرنامج ثم رئيس المحطة الإذاعية التى حملت نفس الاسم «صوت العرب»، حتى تركها بعد نكسة 5 يونيو 1967..ويروى فى مذكراته «غير منشورة وبحوزتى صورة منها»، تفاصيل ما جرى مع عبدالناصر قبل تسجيل الكلمة، يؤكد «سعيد»، أن عبدالناصر أثنى عليه فى تعامل «صوت العرب» الحيادى مع أزمة مارس 1954 التى انتهت بإقالة محمد نجيب، فعلق «الديب» ضاحكا: «أخشى أن تشجع هذه الإشادة أحمد، فيتمادى فى انتقاد السياسات المحلية لمجلس الثورة».. يضيف سعيد: «بادر عبدالناصر فى لغة حازمة: يا فتحى.. ده صوت العرب.. كل العرب، مش صوت مصر ومجموعة من أعضاء فى مجلس الثورة، وأنا عجبنى تعليق لأحمد بيطالب صناع ثورة 23 يوليو، أن يكونوا نموذجا لوحدة الثوار مهما كان حجم خلافاتهم».
 
يكشف «سعيد»: «انتهزت الفرصة، وعرضت فكرة كانت تراودنى منذ تسملت أمانة إدارة صوت العرب وهى، استضافة معارضين عرب للثوة المصرية، أو متشككين فى مواقفها العربية أو متخوفين على زعاماتهم وتنظيماتهم من سطوع نجمها وقوة أهدافها مثل، ميشيل عفلق وأكرم الحورانى وصلاح البيطار قادة حزب البعث فى سوريا، وبيير الجميل زعيم حزب الكتائب اللبنانى، وريمون إده، وكامل مروة، وهؤلاء نظموا مظاهرة فى بيروت ودمشق ضد ثورة مصر إبان أزمة مارس».
 
يؤكد سعيد: «أجاب عبدالناصر بالموافقة فى غير تحفظ أو استفسار، وقال: صوت العرب مسؤوليتك يا أحمد من ألفه ليائه، ولك أن تعمل فيه كل اللى تشوفه يحقق أهدافه، وأنا لما أشرت بعلامة استفهام على بند من بنود مذكرة فتحى الديب بإنشاء صوت العرب، كنت عايز أفتكر إن أسأله عن حرية البرنامج فى انتقاد سياسات محلية، ومدى أهمية هذا الانتقاد فى قيمة البرنامج وتأثير هذا الكلام عند العرب من إذاعة هدفها الحرية بكل عناصرها والوحدة بكل أشكالها، يعنى المهم عندى البناء مش الهدم، وحتى لو اضطررت للهدم يبقى من أجل بناء أحسن وأثبت وأنفع، وأظن مفهوم يا أحمد إن الحرية مسؤولية قبل ما تكون ممارسة».
 
يتذكر «سعيد»، أن سكرتير عبدالناصر دخل عليهم ليخبر الرئيس أن الحجرة التى سيتم فيها تسجيل كلمته جاهزة، فيبادره الرئيس بالانتظار عشرة دقائق، وانصرف السكرتير، ليطرح عبد الناصر سؤالا مهما، يؤكد سعيد، أنه كان يؤرقه ويؤرق فتحى الديب والخبراء واللاجئين من الشمال الأفريقى، خاصة الجزائر.. كان السؤال حول «الأمازيغ»، وأهميتهم فى الشأن الجزائرى، وجاء بمناسبة إعداد مصر العدة لمساندة الثورة الجزائرية وكفاحها المسلح، وكان يتم التجهيز له فى سرية تامة مع شباب جزائرى يتقدمهم «أحمد بن بيلا»، أول رئيس للجزائر بعد استقلالها 1962.. يذكر سعيد: «كان رأى فتحى الديب بحكم المعطيات المتوفرة لديه من معلومات عن الشخصيات القبلية والأمازيغية المشاركة فى قيادة التنظيم الذى يعد لبدء الثورة، أن ثمة آراء جزائرية يشوبها تردد حذر فى توسيع قاعدة هذه المشاركة أكثر مما هو قائم ومستقر منذ بدأ التنظيم بمحمد بوضياف، ومصطفى بن بوالعيد، ثم رمضان بوشبوبة، وقادة آخرين توالى انضمامهم من الأعراق الجزائرية المختلفة توارى بعضهم، وتصدر البعض عبر شهور الإعداد وسنوات الكفاح».
 
يؤكد سعيد: «طرح عبدالناصر وسط الحوار فكرة ضرورة توسيع قاعدة المشاركة القبلية والأمازيغية، ليس فى العمل الثورى فقط، ولكن فى قيادته وعلى أعلى المستويات انطلاقا من سببين،أولهما وجدانى أخذه بادئ الأمر من صوت العرب عندما أشار أحد برامجه منذ شهر عن الأصل البربرى لفاتح الأندلس طارق بن زياد، حتى أن هذه المعلومة فاجأته فطلب دراسة علمية عن أصل القائد الفاتح.. كذلك جاءه تقرير عن بحث لأستاذ مصرى من جامعة الإسكندرية وهو الدكتور العبادى «أستاذ التاريخ»، وعميد آداب جامعة الإسكندرية، يتحدث فيه وبإشادة عن قبائل فى «وادى ميزاب»، وكيف أنهم من فرط إحساسهم بذاتهم نجحوا فى أن يجعلوا الخلافة العثمانية عندما ضمت الجزائر تعطيهم قدرا من الاستقلال الذاتى، ولهذا فإن مشاركة هذا العرق الجزائرى الأصيل فى الثورة، وعلى مختلف مستويات قيادتها سيكون عنصر نجاح لها ولشموليتها، وهذا الأمر يجب أن يرعاه صوت العرب سواء فى التعرف على خصائص من يحدثهم، أو فى تحديد ما يجب أن يسمعهم إياه».
 
يتذكر «سعيد»: «ابتسم فتحى الديب، وهو يطمئن الرئيس عبدالناصر بأن هذا البحث وغيره من الدراسات عن الشعوب العربية، يتوالى تزويد صوت العرب بها..داعبه عبد الناصر، قائلا: «يعنى صاحى لشغلك يا فتحى وبلاش أنا أتفلسف».. بادر الديب مبتسما: «العفو ياريس، أنا بس بطمئن سيادتك، وانتقل الجميع إلى الحجرة المجهزة لتسجيل الكلمة». 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة