محمد عبدالرحمن زغلول

أخى حسن رمضان.. ذكراك باقية

الثلاثاء، 11 مايو 2021 08:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة السادسة صباحا، أحاول الخلود للنوم بعد فجر يوم طويل، لكن النوم استعصى وكأنه يعلم أن يومي لم ينته وعليه الانتظار ساعات أخرى، ظللت أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" شاردا في لامبالاة ومشاعر صامتة لا تنم عن شيء ولا أنتظر جديدا، الوقت يمر دون حساب، فجأة مر أمام عيني خبر مفجع  يقول "حسن مات"، في البداية أغلقت الموقع، حالة من الإنكار سيطرت علىَّ، فكرت في ثوان أنني قد خلدت إلى النوم فعلا، وأنني أمام كابوس مزعج، راودني الشك لثوانٍ فتحت الموقع مرة أخرى، فرأيت أول ما رأيت خبر الوفاة، وكأن القدر مصر أن يؤكد لى حقيقة الأمر.
 
إذن رحل حسن رمضان، غاب وفتح جرحا، وأضاف اسما جديدا في لوحة الغائبين، خلال دقائق كنت فى الطريق لكى أودع صديقي إلى رحلته الأخيرة، لم أبك في بداية الأمر، حاولت التماسك أو بالأحرى التظاهر بذلك أمام الفراق الجديد، لم أنطق بكلمة واحدة، أتلقى التعازي بشيء من الأنكار، وبهمهمات غير مفهومة، كلما مر الوقت كنت أستوعب الحقيقة، حسن غاب للأبد، هذا كل ما في الأمر!.
 
لم يأخذ "حسن" وقتا طويلا في طريقه إلى رحلته الأخيرة، كان سريعا في الوداع، تجمع الأحباب واحد تلو الآخر، البعض يبكى والآخر يدعي، والحزن رفيق الجميع في المكان، انتهينا من تصاريح دخول حسن إلى عالمه الجديد، وتحركنا كي نشارك صديقنا رحلته، لكن طريقنا كانت أكثر غرابة، فقد اختار حسن طريقه درامية كي يودع عالمه القديم.
 
في الطريق وبينما نتجه ليوارى "حسن" الثرى، اختار صديقي أن يودع أماكنه، أن يلقى نظره أخيرة، على أكثر الأماكن قربا إلى قلبه، تحركنا وإذا بنا نسير أمام مقر "الجريدة"، فجأة تباطأت حركة المرور فى أمر غير اعتيادي في هذا المكان صباحا، نظرت إلى المبنى الصامت، وإلى السيارة التي تقل حسن الموشحة بالسواد، وشعرت أن القدر يمهل صديقي ويمنحه نظرة أخيرة، فرصة أخرى كي يودع الأحباب، فحسن طالما أراد أن يعود إلى مقر الجريدة بعد رحلة مرضه، وأن يستكمل عمله، لكن الموت لم يمهله فقرر أن يودعه بطريقته الخاصة.
 
استكملنا طريقنا، لكن القدر لعب لعبته مرة أخرى، فجأة تشعبت حركة السيارات للحظة ووجدنا أنفسنا أمام الشارع الذى يقبع فيه منزل حسن، نظرت إلى الشارع وإلى حركة السيارات التي توقفت للحظة، وشعرت وكأن الطريق يفسح المجال لروحه أن تخفق لمرة أخيرة في أرجاء المكان، حسن أراد أن يودع كافة الأماكن إلى قلبه قبل الرحيل.
 
ودعنا "حسن" وتركناه إلى عالمه الجديد، عاد كل منا إلى طريقه، ظلت صورة حسن ترافقني في العودة، مواقفنا تراودني كلما تذكرته، لما أستطع أن أواجه سيل الذكريات الذي تجمع أمامي فجأة؛ تذكرت وقتها آخر مكالمة جمعت بيننا، اتفقنا أن أزوره، ووصفني ساخرا بـ"النذل" لأنني أصبحت قليل السؤال عنه، أخذتني الحياة بعيدا عنه رغم قربنا المشهود، لم اعتقد أن الموت سيسبقني إليه في الزيارة، رحل حسن وتركني في حسرة ألوم نفسي، وأمام حسرة الحزن، آمنت بنعمة النسيان.
 
أتذكر قبل 3 أعوام وربما أكثر قليلا، كان أصيب حسن، بالمرض اللعين، في البداية كان متخوفا، تحسست الخوف في نظراته، انتكاسة تلو الأخرى، اعتقدت أن مفترق الطريق قد حان، لكنه تدارك الأمر سريعا، صمد كعادته، كلما كنت أراه أجد إصرارا وإقبالا وحبا وشغفا بالحياة، في النهاية وجده الموت بطلا يقاوم وحده ضربات الآم فأخذه معه كي يريحه من الآلام.
 
قبل أسابيع من الرحيل قام حسن برحلة "عمرة"، وبعدها توقفت المناسك وأغلقت الأماكن المقدسة، بسبب تداعيات فيروس "كورونا"، وكأن القدر أمهله أن يودع العالم من "المشاعر المقدسة"، أسابيع قليلة ورحل "حسن" ودع العالم في الأيام الأقرب إلى قلبه المؤمن وذاته النقية، مات في أيام المغفرة من شهر رمضان، شعرت حينها أن الله اختار أفضل الأيام ليودع فيها "حسن" أحبابه، اختار له أحسن وأقدس الأماكن لقلبه وقلوب المؤمنين لتكون مكان رحلته الأخيرة على الأرض، رأى الله في حسن، "حُسن الخلق"، وصفاء القلب وهدوء المحبين وثبات الأبطال فكفائه بنهاية في أٌقدس الأماكن والأيام.








الموضوعات المتعلقة

نور على نور

الأحد، 14 فبراير 2021 12:16 ص

وحيد حامد.. راوي المنسيين

الأحد، 03 يناير 2021 12:00 ص

نجيب سرور ورد الاعتبار

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020 04:15 ص

مبادرة للصحة النفسية

الخميس، 22 أكتوبر 2020 02:38 م

مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة