الشربينى عاشور

"بالتى هى أحسن".. بصمة متميزة عل طريق الاستنارة بالدين

الثلاثاء، 19 أبريل 2022 11:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى تتعالى فيه الصيحات المطالبة بأهمية تجديد الخطاب الدينى لمواكبة المتغيرات التى يشهدنا عصرنا الراهن ، وما يعيشه من أزمات ومشكلات على مستويات عدة. يأتى برنامج " بالتى هى أحسن " الذى يقدمه الإعلامي السعودى عبد الوهاب الشهرى على فضائية   mbc فى دورته الثالثة هذا العام، ليضع بصمة فريدة ومميزة فى هذا السياق التجديدى من خلال طرح دينى مستنير، وبمنظور متفاعل مع قضايا العصر، يمتزج فيه الفقه بالفكر، والقضية بالطرح، والمشكلة بالمعالجة، والشريعة بالحقيقة. فيحقق البرنامج الوصفة الأبرز للنجاح الجماهيري، والتى تتجلى فى تلك الحصيلة المؤكدة لارتفاع نسب المشاهدة والمتابعة، سواء عبر البرنامج مباشرة أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعى على اختلافها وتنوع مساراتها، فى زمن يلعب فيه الإعلام بكل وسائله المقروءة والمرئية والمسموعة أدوارًا خطيرة فى التشويش والبلبلة الذهنية والاستقطاب الفكرى الحاد

ما يلفت انتباهى فى البرنامج هو شخصية ضيف البرنامج الدائم؛ فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامى ورئيس هيئة علماء المسلمين، الذى يتولى الإجابة عمَّا يطرح من الأسئلة على اختلاف مشاربها وتنوع اتجاهاتها برؤية عصرية، ومعالجات متوازنة، وبلغةٍ جلية واضحة وأسلوب ميسَّر، يجد فيه المتخصص والعامى بغيته، ويجنى منه الثمرة المرجوة للفهم والاستقامة، ووضع الأمور فى نصابها، ووزنها بميزان الشرع القويم المستند إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم المؤكدة. وهو أمر ليس بغريب على شخصية الدكتور العيسى وتوجهاته الفكرية والدينية التى تنطلق من الإيمان بوسطية الإسلام، وجوهر دعوته السلمية التى لا يدخر الشيخ الدكتور العيسى جهدًا فى العمل بها ونشرها. والتى أكدها فضيلته فى إحدى الحلقات بالإشارة إلى عنوان البرنامج ذاته "بالتى هى أحسن"، وهو التعبير الذى يتبنى منهج الإسلام فى الدعوة والتبليغ، ويقتفى أثره فى المخاطبة بالحسنى، والدفع بالتى هى أحسن، بعيدًا عن الجمود والتطرف، وما يقودان إليه ــ لا محالة ــ من الاضمحلال.

لقد عانى الفقه والفكر الإسلامى من حالة الجمود والتشدد اللتان لم تتسببا فقط فى تأخر المسلمين عن اللحاق بركب الحضارة والتقدم، ولكن أيضًا فى إدخالهم نفقًا من العزلة أدى ببعضهم إلى انتهاج خطاب العنف والكراهية سبيلًا أوحد. وهو ما انعكس بوضوح على صورة الإسلام ذاته كدين، ليس من جانب بعض معتنقيه فقط، بل ومن جانب كثير من غير المسلمين؛ حيث أصبح ينظر إليه على أنه دين ضد الحياة، وضد السلام، وضد التعايش الإنساني. وهى صورة زائفة بلا شك. يتأكد زيفها وتهافتها على أيدى علماء كبار من أمثال الشيخ العيسى، ممن يكرسون وقتهم وجهدهم ورؤاهم المستنيرة لمحو هذه الصورة الباطلة بعرض الملامح الحقيقية لهذا الدين، وإحياء جوهره الإنسانى القائم على التسامح والاعتدال والوسطية، ونبذ العنف والتطرف وغيرها من الملامح التى يتناولها الشيخ العيسى ضمن أطروحاته ومعالجاته لمختلف القضايا التى يعرض لها البرنامج. والتى لا تشمل قضايا الفقه وحده مما يختص بالمعاملات والأحوال الشخصية، ولكنها تمتد كذلك إلى قضايا الفكر وعلاقاتها بما يسود بين الناس من أوهام ومعتقدات مغلوطة كالحسد وضعف عقل المرأة ودينها وغيرها من المفاهيم التى تأخذ شكل النسق الثقافى فى مجتمعات تشيع فيها الأمية التعليمية فضلا عن الأمية الثقافية.

ما أحوجنا إلى العمل وفق المنهج الربانى "بالتى هى أحسن"، وما أحوجنا إلى مثل هذا البرنامج، وضيفهِ الكريم، وما يبسطه من رؤى مستنيرة ومعالجات عصرية، تنتفى معها كثير من الإشكاليات بتبيان الوجه المشرق للدين، وبيان الحق فيما يُشْكِلُ على الناس

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة