حكايات من غزة.. صحفى فلسطينى يروى لـ"اليوم السابع" شهادات حية لعدوان الاحتلال.. ننتظر الموت فى كل لحظة و"كنبتى" درعى ضد إسرائيل.. شعبنا يستحق الحياة ويرفض تذوق مرارة التهجير.. تل أبيب دمرتنى وقضت على حلمى.. صور

الجمعة، 27 أكتوبر 2023 05:26 م
حكايات من غزة.. صحفى فلسطينى يروى لـ"اليوم السابع" شهادات حية لعدوان الاحتلال.. ننتظر الموت فى كل لحظة و"كنبتى" درعى ضد إسرائيل.. شعبنا يستحق الحياة ويرفض تذوق مرارة التهجير.. تل أبيب دمرتنى وقضت على حلمى.. صور
كتب أحمد جمعة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حكاية اليوم مع الصحفي والمصور الفلسطيني أنس النجار الذي استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي مكتبه الإعلامي الخاص في غزة، وبات من المتضررين جراء هذا العدوان الغاشم، ويروي لنا أنس قصته مع تطورات الأوضاع الحالية في غزة، موضحا أنه يعيش في حالة رعب وفزع شديدين من العدوان الإسرائيلي ويحرص على النوم بين "كنبتين" يوميا بينهما فراش حيث يصفهم بـ" الدرع" الحامى له حال استهداف الطيران الاسرائيلي للمنزل الذي يقيم فيه بحيث تحميه تحت الأنقاض لحين إنقاذه.

أنس النجار داخل مكتبه بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي له
أنس النجار داخل مكتبه بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي له

 

يصف المصور والصحفي الفلسطيني في حديثه لـ"اليوم السابع" طبيعة القصف الإسرائيلي العنيف على منازل المدنيين بشكل وحشي، مشيرا إلى قصف طائرات الاحتلال منزل ملاصق لمنزل أسرته ما أصابه بهيستريا وانفعال شديدين ظنا منه أن المنزل الذي تم قصفه يعود لأسرته، ويشرح لنا المصور الفلسطيني بداية يومه في غزة قائلا: عندما أرى نور الشمس أحمد الله أني على قيد الحياة لأن القصف الإسرائيلي على غزة يكون جنوني ويستهدف الجميع بلا استثناء.

ويواصل: مع صباح كل يوم تبدأ المشكلات العائلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر الجاري، وذلك بسبب رفض أسرتي وتحديدا أمي وزوجتي لخروجي للعمل وتغطية الأحداث والعدوان الإسرائيلي خوفا على حياتي أو أن أتعرض لإصابة، وفي نهاية المطاف أتمكن من إقناعهن وأخرج لممارسة عملي ونقل حقيقة ما يجري في غزة للعالم لعلي أيقظ الضمائر الحية في الشعوب المختلفة.

يقول أنس إن الحدث الأسوأ في حياته على الإطلاق وهو بمثابة الكابوس الذي لا يستطيع تجاوزه هو استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل مجاور لمنزله ما تسبب في هز المنطقة التي بها منزله بشكل كامل، ويضيف واصفا حالته: صرخت صرخات مدوية مطالبا بوقف الحرب ودخلت في حالة صدمة حيث تضرر منزلنا وسقط حائط على جدتي التي تبلغ من العمر 90 عاما، سكان شارعنا جميعهم أصيبوا ولم ينجوا أحد وكلهم ما بين شهيد ومصاب، طائرات إسرائيلية تلقي براميل متفجرة، لم استطع من هول الصدمة تغطية الحدث فقد عجزت أطرافي عن حمل الكاميرا لتغطية الحدث الأسوأ على الإطلاق."

الزميل أنس يوثق الدمار بعد تدمير إسرائيل لمكتبه
الزميل أنس يوثق الدمار بعد تدمير إسرائيل لمكتبه

 

ويتابع قائلا: ما يجري ليس له وصف .. ما يجري إبادة جماعية لأهل غزة .. لا أعرف سبب اندلاع الحرب وكيف حدثت ولماذا اندلعت ولماذا نستجدي المجتمع الدولي لإنقاذنا ؟ .. لماذا اندلعت الحرب لماذا ؟ الحقيقة ليست لدي إجابة، أنا شخص مدمر نفسيا بسبب ما يحدث معنا ولست وحدي لكن 2 مليون فلسطيني في غزة بحاجة لعلاج نفسي لهول ما نشاهده بسبب العدوان الإسرائيلي .. كيف تقصف طائرات إسرائيلية عمارة بها 50 إنسان ؟.. الشعب الفلسطيني قوي ويتحمل ورمز الصمود وهذا صحيح لكننا الآن عاجزين ونموت يوميا .. لم يعد في مقدرونا أن نتحرك.

وعن أكثر المواقف التي لا ينساها أبدا خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، أكد الصحفي الفلسطيني أن العدوان على القطاع عام 2021 يمثل صدمة نفسية له حيث انتقل مع زميل له لتغطية استهداف منزل لعائلة أبو حطب، وبينما يلتقط زميله صور لآثار تدمير المنزل واقفا على حجر وإذ بي أدفعه بعيدا بعد مشاهدتي لقدم زميلي تقف على حجر أسفله طفل شهيد، مضيفا: لم ينتبه زميلي للأمر وهذا مشهد من عشرات المشاهد القاسية التي رأيتها إلا أنه المشهد الأصعب الذي شاهدته ولم أستطع إلى الآن تجاوزه.

أنس النجار رفقة شريكه على الأنقاض في غزة
أنس النجار رفقة شريكه على الأنقاض في غزة

 

ويضيف الصحفي الفلسطيني: أؤكد لك أننا مصابون ببلادة ومشاعرنا تحجرت وعندما نسمع عن استشهاد أي شخص نترحم عليه لأنه لا وقت للزعل والبكاء بسبب المجازر التي ترتكب يوميا، وجميعنا ينتظر الشهادة في أي وقت، نحن نحتاج إلى علاج نفسي لهول ما نراه في العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة.   

وعن طموحات وآماله في العمل الصحفي يقول: كل شيء تحطم وضاع بسبب الاحتلال الإسرائيلي.. أعشق الصحافة منذ نعومة أظافري وكنت أقف أمام منزلنا حاملا "يد الهون" وأقلد مراسلي القنوات الفضائية وأقول كان معكم أنس النجار بالصوت والصورة من قطاع غزة ننقل لكم الخبر.. وفي إحدى المرات سقطت فجأة طريحا على الأرض وتم نقلي للمستشفى واكتشفت بعدها أن جندي إسرائيلي أطلق الرصاص على قدمي وكان عمري وقتها 7 سنوات، حيث كانت إسرائيل متواجدة في غزة قبل خطة فك الارتباط التي نفذها شارون ، خلال تواجدي في المستشفى التقيت مراسل صحفي وقال لي اتمسك بحلمك وستصبح صحفي محترف في المستقبل .. كان حلمي دراسة الصحافة وتخرجت من الثانوية العامة بتقدير جيد جدا .. طلبت من أسرتي دراسة الإعلام والصحافة ورفض أبي في بداية الأمر لأن الدراسة مكلفة وبعد المسافة بين منزلي الذي يقع بخانيونس وكلية الصحافة المتواجدة في وسط غزة.

وأضاف الزميل أنس بالقول: بعد رفض والدي لدراستي للصحافة بسبب كلفتها الباهظة.. جلست في غرفتي ليلا أبكي وإذا بوالدي يواسيني ويؤكد لي أنه سيدعم حلمي في دراسة الصحافة .. أقسم بالله كانت أعظم انتصاراتي على الإطلاق ودرست الصحافة وكنت متميزا وطورت من قدراتي وعملت مع عدة مؤسسات إعلامية قبل تخرجي من الجامعة.

الزميل أنس النجار ينقل رسالة إعلامية للتليفزيون الصيني
الزميل أنس النجار ينقل رسالة إعلامية للتليفزيون الصيني

 

وعن بداية مشروعه الإعلامي داخل غزة يقول: "شكلت أنا وشريكي أسامة العش شركة بعد تخرجي من الجامعة وبدأ المشروع بعد حصولنا على أموال بالاستدانة ولم يكن معنا سوى مكاتب مستعملة ولاب توب شخصي .. بدأنا الحلم وعملنا بكل جد وفي مرة من المرات قدمنا أحد أعمالنا في مسابقة لتصوير الأفلام وقد فزنا وخصصنا أموالها لشراء كاميرات ومعدات.. كبرت الشركة وتوسعت وباتت رقم صعب في معادلة الإعلام بقطاع غزة .. أبرمنا شراكات مع قنوات فضائية كبرى، وكان طموحنا يصل إلى عنان السماء ، منذ شهر تقريبا اشترينا معدات باهظة الثمن تحضيرا للدخول في سوق انتاج أعمال درامية وكنا نخطط لتصوير مسلسل يذاع في شهر رمضان المقبل .. سافرت إلى القاهرة للاستفادة من خبرات المصريين في الأعمال الدرامية ... وضعت أفكارا مع شريكي وكنا سنبدأ في التنفيذ وإذ بالعدوان الإسرائيلي على غزة.

وتابع أنس بنبرة حزن وحسرة وجاءنا صوته باكيا: لم نستطع نقل أي أجهزة من مكتبنا الذي به معدات ضخمة جدا.. في اليوم الثالث للحرب ذهبنا لتغطية استهداف المسجد الغربي في الشاطئ ودخلنا عن طريق جامع السوسي وكنا على بعد 100 متر من المسجد وإذ بطائرات حربية تستهدف المنطقة وحينها تعرضت لصدمة جديدة وقولت لا أريد أن أعمل لا أريد سوى أن أجلس مع أسرتي ولا أفارقهم أبدا .. عدت لنقل صورة حقيقة ما يجري في غزة وإذ باتصال على هاتفي ويظهر اسم شريكي أسامة ويقول لي باكيا وهو منهار: أنس الطيران الإسرائيلي دمر المكتب وقصفه.

ويواصل الزميل أنس النجار روايته وقد انخرط في بكاء شديد: تعب 5 سنين راحوا في غمضة عين .. بدأنا من تحت الصفر وكل شيء راح في غمضة عين .. دخلت في بكاء هيستيري وحالة انهيار تام لأنه كل شيء راح في لمح البصر .. عمري 28 سنة ودفعت دم قلبي في مشروعي وتكلفت أموال باهظة .. سددت قبل أسابيع مبلغ 15 ألف دولار للضرائب وحينها قولت لنعمل بجد واجتهاد لنعوض هذه الأموال لكن القدر كان له رأي آخر وأخذت الحرب مني كل شيء جميل ..الاحتلال هدم حلمي ومستقبلي وكان هذا الانكسار الأكبر بعد انتصاراتي التي حققتها على مدار 5 سنوات ..  نهضت من الأرض وقولت في نفسي كما بدأنا من الصفر سنعود أقوى.

وعن تهجير الفلسطينيين من غزة باتجاه الجنوب، أكد الصحفي الفلسطيني أنس النجار أنه من أسرة لاجئة من قرية في الـ 48 ولا يريد أن يذوق مرارة التهجير الآن، مضيفا: لا أريد أن اتهجر .. لا أريد أن أموت .. شعبنا يحب الحياة.. نحن لسنا مجرد أرقام بل لدينا أحلام وطموحات نريد تحقيقها .. صاروخ واحد من طائرة إسرائيلية يدمر أحلامنا التي تتحول إلى شظايا .. الشعب الفلسطيني يرفض التهجير ولا يريد أن يموت .. اتركونا نعيش في سلام.

وعن عمله الصحفي والإعلامي، يشير الزميل الصحفي أنه يعمل مراسل للتليفزيون الصيني ووكالة مصدر الإخبارية وشركة إنتاج في غزة، واختتم حديثه بالقول: كنت أخطط لزيارة مصر في ديسمبر المقبل للسفر إلى السعودية لحضور كأس العالم للأندية لكن لا أعلم متى تتوقف هذه الحرب كي نعود لملمة جراحنا ونبدأ من تحت الصفر لتحقيق حلم دمرته إسرائيل.

 

الزميل الصحفي أنس النجار من شوارع غزة
الزميل الصحفي أنس النجار من شوارع غزة

 

مراسل التليفزيون الصيني في غزة أنس النجار
مراسل التليفزيون الصيني في غزة أنس النجار

 

الزميل الصحفي الفلسطيني أنس النجار خلال زيارته إلى القاهرة
الزميل الصحفي الفلسطيني أنس النجار خلال زيارته إلى القاهرة

 

الزميل الصحفي الفلسطيني أنس النجار خلال زيارته للمتحف المصري
الزميل الصحفي الفلسطيني أنس النجار خلال زيارته للمتحف المصري

 

 
 
 
أنس النجار خلال زيارته لمصر
أنس النجار خلال زيارته لمصر

 

 
 
 
 

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة