عادل السنهورى

سوريا.. ما أحلى العودة للحضن العربي

الإثنين، 08 مايو 2023 12:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قضي الأمر وزالت العزلة والحصار.. وعادت سوريا إلى مكانتها الطبيعية واستئناف دورها المحوري في محيطها العربي والإقليمي وعادت الى الحضن العربي بعد غياب طال لنحو 12 عاما، كادت فيها أن تضيع فيها البلاد وتتشرذم وتنقسم إلى 3 دويلات في الشمال والوسط والجنوب حسب المخطط والتدبير ليس لسوريا فقط، وإنما لعدد كبير من الدول العربية تحت الوهم والخديعة التي حملت شعارا ضخما ومغريا اسمه "ثورات الربيع العربي".

عادت سوريا بتوافق عربي كبير وإعلان الجامعة العربية اليوم في اجتماعها الاستثنائي على مستوى وزراء الخارجية العرب بالعاصمة الأردنية عمان أنها اتخذت قراراً باستعادة سوريا عضويتها واستئناف مشاركتها في اجتماعات مجلس الجامعة، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتبارا من اليوم الأحد. أهم ما في القرار هو تجديد المجلس التزامه بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية وذلك استنادا إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومبادئه والتأكيد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية لمساعدة سوريا على الخروج من أزمتها.

مكاسب كبيرة من قرار العودة السورية الى مقعدها الطبيعي في اجتماعات القمة العربية المقبلة في الرياض يوم 19 مايو الجاري حتى لو كانت هناك شروط أو كان هناك ثمن. وسوف تتعاظم هذه المكاسب مع الخطوات الملزمة لسوريا وفقا لاجتماعات عمان.. فالشروط التي تم التوافق حولها للعودة تتطلب ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج حول حل الأزمة وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 بمواصلة الجهود التي تتيح توصيل المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين في سوريا.

فهناك لجنة اتصال وزارية سيتم تشكيلها من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام للجامعة العربية لمتابعة تنفيذ اتفاق عمان والاستمرار بالحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها، وتهيئة سوريا الظروف لتعزيز احترام حقوق الإنسان.

قرار العودة يبدو في ظاهرة مشروطا ولكن في باطنه هو انتصار لسوريا ونجاح للجامعة العربية في استعادة الملف السوري من بين براثن الطامعين والطامحين في الأراضي السورية وفي تدمير الدولة الوطنية في دمشق وحل الجيش العربي السوري والاستيلاء على ثروات البلاد مثل ما يحدث حاليا من الاستيلاء على القمح والبترول واحتلال أجزاء كبيرة من الأراضي العربية السورية. فالعودة ستدعم الموقف السوري في بسط سيطرته الكاملة أو شبه الكاملة – ولو مؤقتا – على كامل الأراضي السورية وتفكيك أو طرد التنظيمات الإرهابية الى خارج الأراضي السورية  و بحث سبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، وحسم مسألة تهريب المخدرات.

العودة السورية هي الآن عنوان الحقيقة.. فما حدث في مارس 2011 كان يبدو للوهلة الأولى وفي شهوره الأولى انه ثورة شعبية وربيع عربي لكن سرعان ما انكشفت المؤامرة مثلما حدث في ليبيا ثم مصر وتونس واليمن ....ومصر ، فالهدف كان هو إعادة تقسيم المنطقة وتنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة تحت شعارات براقة تجذب الشباب العربي المفتون بالثورات البرتقالية والبنفسجية والزرقاء وغيرها من الثورات الملونة التي دعمتها وساندتها الولايات المتحدة الأميركية باستخدام جماعات وتنظيمات عنف وإرهاب

المحزن أن الجامعة العربية علقت عضوية دمشق في نوفمبر 2011، بلل وفرضت عقوبات سياسية واقتصادية عليها بما في ذلك تجميد المعاملات التجارية معها ووقف الرحلات الجوية منها وإليها وسحب السفراء.. كل ذلك بالتزامن مع العقوبات الأميركية على دمشق.

الأكثر حزنا وآسى كان هو شغل ما يسمى بـ"المعارضة السورية" مقعد سوريا خلال قمة الجامعة العربية المنعقد بالدوحة في 2012.

ولأنه – كما قال أبو قاسم الشابي- لابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ..فكان لابد – مهما طالت السنوات- أن تتضح الحقيقة ويعي الجميع من شعوب وحكام حقيقة المؤامرة الكبرى والمخطط الشيطاني لتدمير الدول الوطنية الكبرى في المنطقة وتدمير جيوشها وتشكيل منظمات إرهابية تقوم بدور تلك الجيوش وتنفيذ المخطط

في حرب الإرهاب فقدت سوريا حياة أكثر من نصف مليون شخص وشرد أكثر من نصف سكان سوريا داخل البلاد وخارجها. كما أنه حول البلاد إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية، وترك كل ذلك أثره على الاقتصاد المنهك جراء الدمار الهائل الذي لحق بالبنى التحتية والمصانع والإنتاج

ومع صمود الجيش العربي الأول في سوريا وتشرذم المعارضة وانسداد الأفق السياسي وعدم وجود مبادرات دولية للحل، أيقن العرب أنه لا حل ولا طريق للأزمة في سوريا الا بالحل السياسي وضرورة عودة الملف السوري للأيادي والأحضان العربية.. وهذا ما حدث

في السنتين الماضيتين توالت مؤشرات التقارب بين دمشق وعواصم عربية عدة، بينها القاهرة ومسقط وتونس وأبوظبي التي أعادت علاقاتها الدبلوماسيّة والبحرين، والرياض التي أجرت محادثات مع دمشق حول استئناف الخدمات القنصلية بين البلدين. زار الرئيس بشار الأسد الإمارات في مارس 2022، في أول رحلة له لدولة عربية منذ الحرب زار الأسد . وفي فبراير 2023 سلطنة عمان، للمرة الأولى خلال 12 عاما من الحرب. والسلطنة هي الدولة الخليجية الوحيدة التي حافظت على علاقات دبلوماسية رسمية مع سوريا.

في 12 أبريل 2023، أجرى وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، زيارة مفاجئة إلى السعودية، هي الأولى منذ بداية الحرب في بلاده. وفي 18 أبريل وصل وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إلى دمشق، في أول زيارة رسمية سعودية إلى سوريا منذ الحرب.

"دبلوماسية الزلازل" لم تم تكن بعيدة عن مفاوضات ومباحثات العودة السورية وعجلت بها ودعمتها علانية وزار سامح شكري وزير الخارجية المصري دمشق، وجاء فيصل المقداد وزير الخارجية السوري الى القاهرة وبدت الأحضان المتبادلة بين القاهرة ودمشق مؤشر حقيقي على وضع رتوش القرار بالعودة السورية للحضن العربي. وفي 12 أبريل 2023، أعلنت سوريا وتونس نيتهما استئناف العلاقات الدبلوماسية. وكانت وتواجه عودة سوريا لجامعة الدول العربية

ورغم الرفض والمعارض الأميركية لعودة سوريا الى الجامعة العربية، فمن المحتمل جدا أن يترأس الرئيس السوري، بشار الأسد، وفد بلاده خلال القمة العربية التي تحتضنها الرياض يوم 19 مايو.

عودة سوريا بلا شك سوف تعزز من مناخ الاستقرار فلا حل غير سياسي للأزمة السورية بوجود الرئيس بشار، وأيضا قرار العودة يعني الكثير إلى "وحدة الصف العربي" في ظل تحولات وتغييرات لافتة لتكون نظام عالمي جديد لا تغيب عنه الدول العربية.. مرحبا لسوريا في أحضان أمتها العربية وهنيئا للشعب السوري هذه العودة التي قد تكون بداية مسار حقيقي للحل السياسي وإرساء قواعد الديمقراطية وحقوق الانسان في دولة شقيقة نعتز بها جميعا.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة