الحكومة تعيد الحياة لقصر البارون إمبان.. قصة المغامر البلجيكى مؤسس ضاحية مصر الجديدة.. قاد حركة تعمير الصحراء بعد وصوله إلي القاهرة وأسس قصره الشهير بطراز هندى.. ومد خط المترو عام 1910 ساعد على تدفق السكان

الأربعاء، 17 أبريل 2024 08:00 م
الحكومة تعيد الحياة لقصر البارون إمبان.. قصة المغامر البلجيكى مؤسس ضاحية مصر الجديدة.. قاد حركة تعمير الصحراء بعد وصوله إلي القاهرة وأسس قصره الشهير بطراز هندى.. ومد خط المترو عام 1910 ساعد على تدفق السكان قصر البارون امبان
كتب عبد الحليم سالم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

بات قصر البارون في مصر الجديدة قبلة الزائرين لا سيما بعد الاهتمام الحكومى الكبير به وترميمه بنحو 175 مليون جنيه، وهو يرجع إلى البارون إدوارد لويس جوزيف إمبان، المغامر والمليونير البلجيكي الأصل  الذى عاش وعشق مصر  فور وصوله لها من الهند وبعد رحلات حول العالم في أمريكا وادغال افريقيا ، واسس برفقة بغوص و نوبار باشا ضاحية مصر الجديدة الحالية كما أسس مجموعة من القصور أهمها وأبرزها قصر البارون الذى عاش فيه وكنيسة البازيليك التي دفن فيها في مصر الجديدة أيضا .

Empain
البارون امبان

 

وفق المعلومات، ولد البارون إمبان يوم 20 سبتمبر عام 1852م ودرس العلوم الهندسية في بلده بلجيكا وبدأ عمله كرسام هندسي في شركة للتعدين وهي سوسيتيه ميتالورجيك وفي عام 1878م،بدأ العمل مع شقيقه الأكبر البارون فرانسوا إمبان وعدد أخر من أفراد أسرته وحققوا نجاحات كبيرة وثروات هائلة في مجال صناعة إنشاءات السكك الحديدية، وبعد النجاح في بلجيكا في مد خطوط السكك حديدية قامت شركاته بتطوير خطوط سكك حديدية في فرنسا وبالتحديد مترو باريس.


في عام 1881م أسس مصرفه الخاص لتمويل مشاريعه والذي أصبح فيما بعد البنك الصناعي البلجيكي وخلال التسعينيات من القرن التاسع عشر وبعد عام 1890م توسعت شركته في إنشاء خطوط الترام في العديد من العواصم الأوروبية وغيرها حيث أسس خطوط سكك حديدية في كل من روسيا والصين والكونغو البلجيكية والتي كانت مستعمرة في ذلك الوقت والقاهرة كما قامت شركته بإنشاء العديد من شركات الكهرباء لتوفير الطاقة اللازمة لخطوط الترام التي كان ينشئها في مختلف العواصم .


وتبدأ قصة البارون إمبان المصرى البلجيكي عند وصوله إلي ميناء السويس قادما من الهند في أحد أيام شهر يناير عام 1904م ورست السفينة التي كان يستقلها بالميناء حيث لم تكن هوايته الوحيدة هي جمع المال فقد كان يعشق السفر والترحال باستمرار.

من السويس انتقل البارون إمبان إلى القاهرة ثم اختار مكان في الصحراء بالقرب من العباسية حيث عرض البارون إمبان على الحكومة المصرية في عام 1905م خلال فترة حكم الخديوى عباس حلمي الثاني لمصر فكرة إنشاء ضاحية في الصحراء شرق القاهرة واختار لها اسم هليوبوليس أي مدينة الشمس فخصصت له الحكومة المصرية حينذاك مساحة حوالى  6000 فدان تقريبا لكي يقيم مشروعه عليها واشترى الفدان بجنيه واحد فقط .

images
البارون 


ولضمان رواج المشروع قام بإنشاء مترو يربط القاهرة بمصر الجديدة في عام 1910م، كما بدأ في إقامة المنازل في الضاحية الجديدة على الطراز البلجيكي الكلاسيكي بالإضافة إلى مساحات كبيرة تضم الحدائق الرائعة وكان المخطط العام لضاحية مصر الجديدة يتميز بوجود شوارع عريضة علي جانبيها تصطف بيوت ارتفاعها لا يتجاوز عدد 4 أدوار، ومن أشهر تلك الشوارع شارع السباق الذى تتميز المباني علي جانبيه بالطراز المعمارى السويسرى والبلجيكي مع لمحات من فن العمارة الإسلامية وكذلك شارع العروبة والذى يتميز بوجود فيلات أغلبها يتكون من طابقين وجميعها واجهاتها بيضاء اللون وتحيط بها حدائق ومن الشوارع الشهيرة أيضا بالضاحية شارع الأهرام وشارع إبراهيم اللقاني ويتميزان بالمحلات التجارية الراقية الموجودة تحت البواكي وهو طراز معمارى يتميز به هذان الشارعان وينتهي شارع الأهرام بكنيسة البازيليك الشهيرة التي أنشئت مابين عام 1911م وعام 1913م وكان تصميمها علي نمط تصميم كنيسة أيا صوفيا الشهيرة في إسطنبول بتركيا .

وتميز أيضا المخطط العام لضاحية مصر الجديدة، بأن أهم شوارعها يلتقي في مجموعة من الميادين أهمها ميادين روكسي والأهرام وصلاح الدين وسفير والإسماعيلية وتريومف وسانت فاتيما والحجاز ، وكذلك وجود مجموعة من الأندية الرياضية والاجتماعية أهمها وأقدمها والذى تم إنشاؤه مع بداية إنشاء الضاحية نادى هليوبوليس وتم إنشاؤه في يوم أول يناير عام 1910م بواسطة شركة سكك حديد مصر الكهربائية وشركة واحة هليوبوليس سابقا شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير حاليا وظلت تديره بنفسها حتى يوم 31 ديسمبر عام 1921م.

وتاريخيا  قام البارون إمبان بببناء فندق ضخم بالضاحية هو فندق هليوبوليس القديم الذي ضم مؤخرا إلى قصور الرئاسة بمصر وأصبح اسمه قصر الاتحادية، وتم إفتتاحه يوم 1 ديسمبر عام 1910م،  وأطلق عليه إسم قصر هليوبوليس ووضع التصميم المعمارى له المعمارى البلجيكي أرنست جاسبار وكان الفندق يضم 400 غرفة إلي جانب عدد 50 شقة خاصة وعدة قاعات ضخمة وقام بتنفيذ البناء شركتان للإنشاءات كانتا من أكبر الشركات العاملة في مصر آنذاك وهما شركة ليو رولان وشركاه وشركة بادوفا دينتا مارو وفيرو وإشتركت معهما شركة ميسس سيمنز آند شوبيرت اﻷلمانية في تنفيذ اﻷعمال الكهربائية للفندق .

وقد صمم أعمال الديكور الداخلي المذكورة المهندس جورج لويس كلود وإلي جوار القاعة الرئيسية كانت توجد قاعة طعام فاخرة تكفي 150 فردا وقاعة أخرى خصصت لممارسة لعبة البلياردو.

عاصر هذا الفندق الحربين العالميتين اﻷولي والثانية وﻷنه كان من أفخم وأشهر الفنادق في هذا الوقت فقد كان الكثير من زوار مصر في ذلك الوقت يفضلون اﻹقامة به وكان من أشهرهم المليونير اﻷميريكي ميلتون هيرشي مؤسس ومالك شركة هيرشي للشيكوﻻتة واﻹقتصادى والمصرفي اﻷميريكي المعروف جون بيربونت مورجان وأيضا الملك البير اﻷول ملك بلجيكا وزوجته الملكة إليزابيث دو بافاريا .


ونظرا لأن البارون إمبان كان قد قرر الإقامة الدائمة في مصر فكان لابد وأن يبني لنفسه محلا للإقامة ولذا فقد شيد قصرا يعد حقا تحفة فنية بديعة ويعد من أهم معالم مصر الجديدة وهو يقع علي شارع العروبة وهو الطريق الرئيسي المؤدي إلى مطار القاهرة الدولي، ويشرف القصر أيضا على شارع إبن بطوطة وشارع إبن جبير وشارع حسن صادق وكان هذا القصر بحق قصرا أسطوريا حيث صمم بحيث لا تغيب عنه الشمس، حيث تدخل الشمس جميع حجراته وردهاته وهو من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق وتضم غرفة البارون بالقصر لوحة تجسد كيفية عصر العنب لتحويله إلى خمور ثم شربه حسب التقاليد الرومانية ، وتتابع اللوحة تأثير الخمر في الرؤوس أي ما تحدثه الخمر في رؤوس شاربيها وقد صممه المهندس المعمارى الفرنسي الكسندر مارسيل واستلهمه من تصميم معبد أنكور وات في كمبوديا ومعابد أوريسا الهندوسية وزخرفه مهندس الديكور جورج لويس كلود نفس مصمم الديكورات الداخلية لفندق هليوبوليس بالاس.

واكتمل بناء هذا القصر الأسطورة في عام 1911م ومما يذكر أن الأمير حسين كامل ولم يكن قد أصبح السلطان حسين كامل بعد أعجب بقصر البارون إمبان وعرض عليه شراءه فاعتذر له ولكنه خشي علي مشاريعه واستثماراته في مصر فكلف مهندسيه ببناء قصر للأمير حسين كامل يشبه قصره إلي حد ما وأهداه للأمير والذى سمي بقصر السلطانة ملك زوجته بعد ذلك وأصبح حاليا مدرسة مصر الجديدة الثانوية النموذجية للبنات والذى يقع بشارع العروبة في مواجهة قصر البارون إمبان ويتميز بوجود برج به بعض الملامح من برج قصر البارون .


ويقع قصر البارون إمبان على مساحة 12.5 ألف متر وشرفات القصر الخارجية محمولة على تماثيل الفيلة الهندية والعاج ينتشر في الداخل والخارج والنوافذ ترتفع وتنخفض مع تماثيل هندية وبوذية، أما داخل القصر فكان عبارة عن متحف يضم تحف وتماثيل نادرة من الذهب والبلاتين والبرونز إضافة إلى تماثيل بوذا والتنين الأسطورى كما يوجد داخل القصر ساعة أثرية قديمة يقال إنها لا مثيل لها إلا في قصر باكنجهام الملكي بلندن توضح الوقت بالدقائق والساعات والأيام والشهور والسنين مع توضيح تغييرات أوجه القمر ودرجات الحرارة والقصر من الداخل حجمه صغير فهو لا يزيد علي طابقين وبدروم ويحتوي علي 7 حجرات فقط .

 

الطابق الأول منها عبارة عن صالة كبيرة وثلاث حجرات 2 منهما للضيافة والثالثة إستعملها البارون إمبان كصالة للعب البلياردو أما الطابق العلوي فيتكون من 4 حجرات للنوم ولكل حجرة حمام ملحق بها وأرضية القصر مغطاة بعضها بالرخام الفاخر والمرمر الأصلي المستورد من إيطاليا وبلجيكا وبعضها بخشب الباركيه والنوافذ على الطراز العربي أما البدروم فكان به المطابخ والمخازن والمغاسل والجراجات وحجرات الخدم، بالإضافة إلى طابقي القصر والبدروم يضم القصر برج كبير شيد على الجانب الأيسر منه ويتألف من 4 طوابق يربطها سلم حلزوني تتحلى جوانبه بالرخام وعلى درابزين السلالم نقوش من الصفائح البرونزية مزينة بتماثيل هندية دقيقة النحت واستخدم في بنائه المرمر والرخام الإيطالي والزجاج البلجيكي البلوري الذي يرى من في الداخل كل من في الخارج بينما لايرى من بالخارج من بالداخل.

وكان الطابق الأخير من القصر هو المكان المفضل للبارون إمبان ليتناول الشاي به وقت الغروب وكان حول القصر حديقة غناء شاسعة وارفة الأشجار بها زهور ونباتات نادرة كما يوجد بالقصر نفق يصل بين القصر والكنيسة العريقة المعروفة بإسم كنيسة البازيليك والموجودة حتى الآن والتي دفن فيها البارون إمبان في يوم 22 يوليو عام 1929م بعد وفاته تنفيذا لوصيته .
 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة