سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 مايو 1968.. ثورة الطلاب تنطلق فى فرنسا بسبب القمع ضد «لجنة فيتنام الوطنية» ديجول: «لن ندعهم يدوسون علينا ولا يمكن الاستسلام للشغب»

الخميس، 02 مايو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 مايو 1968.. ثورة الطلاب تنطلق فى فرنسا بسبب القمع ضد «لجنة فيتنام الوطنية» ديجول: «لن ندعهم يدوسون علينا ولا يمكن الاستسلام للشغب» شارل ديجول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انطلق الطلاب فى مظاهراتهم يرددون شعار: «لا تعطينى حريتى، سأتولى الأمر بنفسى»، ويوما بعد يوم لم تعد المظاهرات للطلاب وفقط، وإنما انضم إليها فئات الشعب الفرنسى، لتصبح فرنسا منذ يوم 2 مايو، مثل هذا اليوم، 1968، تحت قبضة «ثورة الطلاب» التى اختتمت تحركها الكبير بخروج الزعيم الفرنسى التاريخى شارل ديجول من السلطة يوم 29 أبريل 1968، تنفيذا لتهديده بترك قصر الإليزيه فى حال عدم حصول برنامجه للإصلاح على الأغلبية فى الاستفتاء الذى طرحه على الفرنسيين.

هى قصة ثورة الطلاب التى لم تهز فرنسا فقط عام 1968، وإنما هزت العالم كله، وكانت نقطة تحول فى القرن العشرين من مرحلة إلى أخرى، يقول عنها الصحفى الأمريكى «مارك كور لانسكى» فى كتابه «1968 السنة التى هزت العالم»، حسبما يذكر عرض خاص بهذا الكتاب بجريدة العلم المغربية 15 أغسطس 2011: «ثورة مايو كانت فى الأصل ثورة ضد المجتمع وتقاليده العتيقة الموروثة عن القرن التاسع عشر، كانت ثورة ضد الهيمنة الأبوية داخل العائلة، وضد هيئة أرباب العمل فى المصانع أو الأساتذة فى المدارس».

اندلعت شرارة هذه الثورة على أثر عملية قمعية قامت بها الشرطة الفرنسية ضد «لجنة فيتنام الوطنية» بجامعة «نانتير» الموجودة فى غرب باريس، حيث قام الطلبة فى يوم 22 مارس 1968 باعتصام فى إدارة كلية الآداب بالجامعة احتجاجا على عمليات القمع، ونتيجة لذلك قررت الإدارة إغلاق الكلية فى 28 مارس، وفى 1 مايو انتشرت أخبار بأن إحدى المجموعات اليمينية الفرنسية تستعد للهجوم على الكلية، فاستعد الطلبة اليساريون لحمايتها، وعمدت نفس هذه المجموعة اليمينية إلى حرق مقر المكتب الطلابى بجامعة السوربون، فدعا الاتحاد العام لطلبة الآداب إلى اجتماع عاجل يوم 2 مايو 1968 وأدرج ضمن جدول أعماله مسألة الدفاع عن الطالب «دانييل كوهين بنديت» الذى دعى للمثول أمام مجلس تأديب لقيادته اعتصام يوم 22 مارس 1968.

تصاعدت الأحداث بدعوة الاتحاد العام لطلبة فرنسا إلى مظاهرة يوم 6 مايو فى جامعة السوربون، وفيها تدخلت الشرطة بالقنابل المسيلة للدموع، فرد المتظاهرون بالحجارة، وأصبح الحى اللاتينى فى حالة حصار لمواجهة آلاف المتظاهرين، وكانت الحصيلة جرح عدد كبير من الشرطة واعتقال طلاب، وإغلاق الجامعة.

تواصلت المظاهرات، وخرجت من كونها «غضب طلابى» إلى غضب يشارك فيه العمال والمثقفون والفنانون، ونزل الفيلسوف والمفكر الأشهر جان بول سارتر إلى الشارع، وراح يوزع المنشورات لصالح الطلاب وضد النظام، فاعتقلته الشرطة لفترة قصيرة، ثم أخلت سبيله بعد أن قال ديجول: « من يستطع اعتقال فولتير، اتركوه حرا».

كان ديجول يتابع الموقف وهو فى حيرة من أمره، وحسب كتاب «قصة الإليزيه» تأليف «فرانسوا دورسيفال» تقديم وعرض محمد مخلوف «جريدة البيان - الإمارات 21 نوفمبر 2007»، فإن الزعيم الفرنسى اجتمع مع ثلاثة من وزرائه فى قصر الإليزيه، وأفصحوا له أن خير وسيلة لوقف التصعيد هى إطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين والوعد بإصدار عفو عام وإعادة فتح جامعة السوربون وسحب قوات الشرطة من الشوارع، فرد: «لا يمكن الاستسلام أمام الشغب، ولا يمكن التفاوض مع المشاغبين، السلطة لا تتراجع، فإذا تراجعت فهذا يعنى أنها انهزمت».

وفيما كان الشباب يثورون على كل أشكال السلطة الأبوية فى المجتمع مجسدة فى جيل الحرب العالمية الثانية، كان ديجول يزداد إحباطا، فلا يصدق ما يحدث، قائلا: «لن ندعهم يدوسون علينا ويسحقوننا بأقدامهم»، هكذا كان تعليقه بعد يوم واحد من بدء الغضب، ولا هو لديه الوصفة السحرية التى يعطيها للثوار، ففى  أواخر «مايو 1968» قال لمستشاره «جاك فوكار»: «إذا كانت البلاد تريد أن تنام وأن تكون مشلولة فإننى لا أستطيع إنقاذها ضد إرادتها، لقد فعلنا ما باستطاعتنا، حسنا، سوف أرحل، ففرنسا كالتى عرفناها هذا الشهر إنما هى فرنسا ميتة»، وبين هذا الاعتقاد لديجول حسب ما يأتى فى كتاب «قصة الإليزيه»، وتصميم الثوار على المضى قدما فى الشوط إلى نهايته، مضت «ثورة مايو» التى يراها ملهمها «كوهن بنديت» بوصفها حركة عالمية وعملية تحديث للمجتمع يقودها جيل ما بعد الحرب، فهذا الجيل رأى أن الذين عاشوا الحرب لديهم رؤية منغلقة بالكامل بالنسبة للعالم والمجتمع والأخلاق، ولهذا السبب الوحيد حدث الانفجار، كنا نقول فى مايو 1968 أن المستقبل ملك لنا، فنحن أفضل بكثير من الجيل السابق، وما يزعجنا هو عدم فهمه لأى شىء، كنا نقول: «اتركونا نقوم بعمل الأشياء، اتركونا نصغها، وسيكون ذلك أفضل».










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة