سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 مايو 1799.. الفلاحون والعرب بقيادة «المهدى» ينتصرون على قوات الاحتلال الفرنسى فى معركة «سنهور» بالبحيرة ويستخفون بالموت أثناء القتال

الجمعة، 03 مايو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 مايو 1799.. الفلاحون والعرب بقيادة «المهدى» ينتصرون على قوات الاحتلال الفرنسى فى معركة «سنهور» بالبحيرة ويستخفون بالموت أثناء القتال عبدالرحمن الرافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شبت فى محافظة البحيرة ثورة ضد الاحتلال الفرنسى آواخر أبريل 1799، كانت أوسع مدى وأعظم خطرا على الفرنسيين الذين احتلوا مصر بحملة قادها نابليون بونابرت عام 1798، وفقا لعبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من كتابه «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر».

يذكر «الرافعى» أن هذه الثورة اشتعلت بسبب ظهور رجل فى البحيرة جاء من درنة الليبية ادعى المهدية، ودعا الناس إلى قتال الفرنسيين، فأقبلوا أفواجا، وضم إليه رجال القبائل من أولاد على والهنادى وغيرهم، وانحاز إليه سكان القرى التى مر بها، فسار بهذه الجموع المسلحة حتى وصل إلى دمنهور ليلة 24 و25 أبريل 1799، وكان بها حامية من الجنود الفرنسيين فأمر بالهجوم عليها وقتلوا رجالها جميعا.

ينقل «الرافعى» عن «الجبرتى» قوله عن هذه الحادثة: «من حوادث ذى القعدة سنة 1213 هجرية، أبريل 1799، أن طائفة من عرب البحيرة يقال لهم عرب الغز جاءوا وضربوا دمنهور وقتلوا عدة من الفرنسيين، وعاثوا فى نواحى تلك البلاد حتى وصلوا إلى الرحمانية ورشيد، وهم يقتلون من يجدونهم من الفرنسيين وغيرهم».


يضيف الرافعى، أن انتصار «المهدى» كان له تأثيرا كبيرا بمديرية البحيرة فهرع الناس إليه، وزاد أتباعه وقوى اعتقاد الناس فى قوته وخوارقه، وسار برجاله قاصدا إلى النيل ليعبره إلى مديرية الغربية، وكان فى مديرية البحيرة وقتئذ كتيبة فرنسية طوافة تطوف البلاد لجباية الأموال، فوصلت دمنهور بعد قتل الحامية الفرنسية ورحيل المهدي.


يؤكد «الرافعى»، أن هذه الكتيبة رأت من المخاطرة تعقب المهدى، فأسرعت إلى الرحمانية وتحصنت بحصن أقامه الفرنسيون فى نقطة تفرع ترعة الإسكندرية، وأرسل قومندان الإسكندرية الفرنسى إلى هذه الكتيبة جنود مزودين بالمدافع لقتال «المهدى»، وسارت القوات الفرنسية من «الرحمانية» لتلتقى برجال المهدى فى 3 مايو، مثل هذا اليوم، 1799 فى «سنهور» على مقربة من دمنهور، وفقا للرافعي، مضيفا: «دارت معركة من أشد المعارك هولا، وعدد رجال المهدى خمسة عشر ألف مقاتل من المشاة وأربعة آلاف من الفرسان، واستمر القتال سبع ساعات كان فيها أشبه بمجزرة فظيعة».


ينقل «الرافعى»، ما كتبه الفرنسى ريبو أحد قيادات القوات الفرنسية حول هذه المعركة فى الجزء الخامس من «التاريخ العلمى والحربى للحملة الفرنسية»، وقال فيها: «هذه الواقعة من أشد الوقائع التى واجهها الفرنسيون فى القطر المصرى، أظهر فيها أتباع المهدى من الفلاحين والعرب شجاعة كبيرة واستخفافا بالموت لا نظير له، وبذل الكولونيل لفيفر أقصى ما أنتجه العلم والفن فى القتال، فجعل جيشه على شكل مربع على الطريقة التى ابتكرها نابليون وهجم على الجموع المقاتلة عشرين مرة، فكان يحصد صفوفهم حصدا بنيران البنادق والمدافع».


يضيف «ريبو» الذى ينقل عنه الرافعى: «كان أتباع المهدى قد غنموا فى دمنهور مدفعا فرنسيا فاستخدموه فى المعركة وركبوه على مركبة تجرها الثيران، وأخذوا يطلقون منه النار على الفرنسيين، واستمر القتال حتى جنّ الليل، وكان الجنود الفرنسيين قد خارت قواهم من القتال، ففكر الجنرال لفيفر فى الانسحاب من الميدان والاتجاه إلى الرحمانية، ولكن جموع المهدى لكثرة عددها كانت تسد الطرق أمامه، فأمر رجاله أن يضموا صفوفهم ويخترقوا الجموع التى طوقتهم، وركب المدافع على رؤوس المربع لاقتحام هذه الجموع، وانسحبوا من ميدان القتال بعد أن فدحتهم الخسائر».


يقول «ريبو» إن الفرنسيين خسروا فى هذه المعركة ستين قتيلا بينما يقدر خسائر المصريين بألف قتيل منهم، إبراهيم الشوربجى، وعبدالله باشى من مشايخ دمنهور ومراد عبدالله شيخ قبيلة الهنادى، وبالرغم من هذه الخسارة انتهت المعركة بفوز المهدى وارتداد الفرنسيين إلى الرحمانية.


يذكر «الرافعى» أن انتصار المهدى فى سنهور شجعه وأغراه هو وقواته بمواصلة القتال ضد الفرنسيين، فضم إليه أنصار وأتباع آخرين سدوا الفراغ الذى أحدثته معركة سنهور، وسار بجموعه قاصدا الرحمانية، لكنه اضطر للارتداد عنها أمام مناعة موقع الفرنسيين فيها وعاد إلى دمنهور التى اتخذها معسكره العام.


استفحل شأن ثورة المهدى، فعهد الجنرال دوجا إلى الجنرال لانوس بالتوجه بقواته إلى البحيرة لإخماد هذه الثورة، وبالفعل غادر ميت غمر قاصدا البحيرة يوم 5 مايو 1799، وضم إليه قوات كانت ترابط فى الغربية، وتمكن من هزيمة رجال المهدى فى دمنهور وأعمل فيها السيف والنار ودمرها وجنوده تدميرا وحشيا، وينقل الرافعى عن «ريبو» قوله: «بعد أن احتل الجنود دمنهور قتلوا من صادفوه من رجال المهدى جميعا، ولما كان أهل دمنهور هم أول من اتبع المهدى من سكان البحيرة فقد أراد الفرنسيون أن يطبعوا هذه المدينة بطابع الغضب العام والانتقام فأحرقوا مساكنها بالنار، وقتلوا كل من وجدوه من الشيوخ والنساء والأطفال بحد السيف، وفى اليوم التالى كانت دمنهور ركاما من الأحجار السوداء اختلطت بها أشلاء الجثث ودماء القتلى».










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة