كمال حبيب

تحولات الجماعة الوطنية

السبت، 15 أكتوبر 2011 05:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تواجه الجماعة الوطنية فى مصر أزمة متصلة بما يمكن أن نطلق عليه هوية الجماعة الوطنية، فقد كانت المصرية جامعة للمصريين بعد ثورة 1919، والتى تبدت فى دستور 1923 الذى أكد أن دين الدولة الرسمى هو الإسلام. وفى عصر عبدالناصر جرى تأميم الصراعات الاجتماعية لصالح مشروع الدولة الناصرية القومية، والتى انهارت مع هزيمة 1967.

وفى السبعينيات عرف العالم ومعه مصر ما أطلق عليه «إعادة الولاءات الدينية والأولية»، ومن هنا كانت عودة الناس الجارفة للدين، أحيانا بسبب غياب المشروع الذى تحمله الدولة، وأحيانا فى مواجهة الحداثة القاسية، وأحيانا فى مواجهة سطوة الدولة ذاتها. ومن هنا كان ظهور الإحياء الإسلامى، كما ظهر ما يمكن أن نطلق عليه «الصعود القبطى»، خاصة مع ظهور كارزيما البابا شنودة، والذى أسس مدارس الأحد، وكان لديه توجه لتكون الكنيسة حاضرة فى الحدث الاجتماعى والسياسى، وهنا كان الصراع بين الدولة الساداتية والبابا شنودة حول ما يمكن أن نطلق عليه تطويع الدولة المصرية للمسألة الدينية لتكون فى قبضتها، وسعى الكنيسة لمنازعة الدولة السيطرة على جزء من مواطنيها.

فى عصر مبارك المخلوع واجهت العلاقة بين المسلمين والمسيحيين توترات وصلت إلى حد استخدام الدولة المصرية سطوتها لتفجير القلاقل فى قلب الجماعة الوطنية ذاتها، وأكبر دليل يذكرنا بذلك هو كنيسة القديسين التى أشارت تقارير مؤكدة أنه تم تفجيرها تحت رعاية جهاز وزارة الداخلية المصرية.

كانت أحد أكبر التحديات التى واجهت الجماعة الوطنية فى مصر هى العزلة التى واجهت قطاعات من أبنائها، فكانوا يعيشون معا فى بلد واحد، ولكنهم كانوا غرباء لا يتقابلون إلا فى الأسواق والشوارع، حدث هذا فى ظاهرة العزل الاختيارى لمن يسكنون «التجمعات السكنية» فى المدن الجديدة من أصحاب الثروة المتحالفة مع السلطة، كما كانت هناك ظاهرة العزل الإجبارى التى واجهت الفقراء فى المناطق العشوائية، وكانت هناك ظاهرة العزلة التى فضلها المسيحيون عبر التمترس بالكنيسة والاحتماء بها فى ظل دولة لم تعد قادرة على أن تحمى أبناءها، هذه العزلة التى عاشها المسيحيون خاصة من جيل الشباب لم نعرف نحن كمصريين ما الذى جرى فيها، وما هى الخطابات التى تمت تغذية شعور هؤلاء الشباب بها، خاصة تجاه شركائهم فى الوطن من المسلمين، لكن المؤكد أن شعورا بالغربة تعمق لدى هؤلاء الشباب، كما أن جيلا جديدا من رجال الدين الأقباط تربى فى ظل أجواء محتقنة دفعته إلى التطرف.
وفى تاريخ الكنيسة القبطية فإن تراجع تأثير وجهاء الطائفة من خارج رجال الدين يقود إلى نموذج يوتر العلاقة بين الكنيسة ومجتمعها، ومن هنا فإن تخفيف التأثير الدينى لرجال الكنيسة على الجيل الجديد من الشباب القبطى يحتاج إلى حضور وجهاء ومثقفى الأقباط فى حياة هؤلاء الشباب، كما يحتاج إلى حضور الدولة المصرية بمشروعها الذى يعيد الاعتبار مرة ثانية لمعنى الجماعة الوطنية التى تتجاوز الشعور الطائفى لدى قطاع منها إلى الشعور بمعنى الولاء والانتماء من جديد للجماعة الوطنية المصرية.

الجماعة الوطنية بعد ثورة 25 يناير أساس تعريفها والانتماء لها هو المصرية الجامعة للمسلمين والمسيحيين معا كعلاقة الظفر واللحم، من خلال قواعد تعلى من احترام القانون، وتأكيد الولاء للداخل على كل ولاءات خارجية، وتحرير المواطن من كل هيمنة لأى مؤسسة، أيا كانت، على وجدانه الوطنى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

MH

I respect this man

I respect this man

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرنوبى

( حبيب ) الكل ...

عدد الردود 0

بواسطة:

ارجو النشر

كلام جميل و لكن

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة