كمال حبيب

القصاص للشهداء

السبت، 28 يناير 2012 04:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاد ميدان التحرير ليكون هو المركز الذى يتجه العالم بأسره إليه، وعاد المصريون إلى الميدان بالملايين، كان زحامًا حميميّا مغموسًا بروح الثورة وحب الشهادة والشهداء، كتب العديد من الثوار فى الميدان: «نحن مشروع للشهادة»، عادت كلمة الشهيد مرة أخرى لتصبح هى الكلمة الأهم فى الذكرى الأولى لثورة 25 يناير.

دماء الشهداء التى سالت العام الماضى على أرض ميدان التحرير فى مواجهة آلة قمع نظام المخلوع هى التى أعطت للناس الطاقة والقدرة والحيوية لاستعادة روح ميدان التحرير فى ذكرى الثورة الأولى، فدماء الشهداء هى التى تضىء للأمم طريقها، وهى التى تحدد للثورات وجهتها وبوصلتها، وهى الجذوة التى تبقى روح الثورة وطاقتها حية لا تموت.

كانت هتافات الثوار ومطالب الشعب المصرى كله تتركز فى القصاص لدم الشهداء من المجرمين الذين قتلوهم، صمم مبدعو الثورة أقنعة بأسماء أبرز الشهداء، وضعها الثوار فى التحرير على وجوههم، وكانت أسماء الثوار تعبيرًا عن روح الجماعة الوطنية المصرية، منها مسلمون ومسيحيون، كما كان الشعب كله بالأمس لا يمكنك التمييز داخله على أساس الدين، فكلنا مصريون، منذ وقت طويل لم أسمع شعار الثورة «ارفع رأسك فوق أنت مصرى»، وقد سمعته فى الذكرى الأولى للثورة.

أرواح الشهداء كانت ترفرف فى الذكرى الأولى للثورة على الميدان، وهى مطمئنة راضية مرضية بأن دماءها فى حراسة الجماعة الوطنية المصرية الوفية التى لن تفرط فى دمائها ولن تقايض عليها ولن ترضى الدنية بقبول ديات أو أموال، وإنما محاكمة القتلة والمجرمين وعلى رأسهم مبارك ووزير داخليته وبطانته.

حكم الشعب على مبارك كان هو المطالبة بالإعدام، فقد كان فى قلب الميدان دمية لمبارك وقد التف حبل الإعدام حول عنقها ومكتوب تحتها حكم الشعب، «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب»، فالقصاص لدم الشهداء هو حياة الثورة وحياة الجماعة الوطنية المصرية، والرسالة الأهم لذكرى الثورة الأولى كانت من الشعب المصرى كله، قولة واحدة: «لا تفريط فى دم الشهداء ولا حقوقهم»، شهداء الثورة جميعًا، فى العام الأول من الثورة الذى لم تتوقف فيه مواجهة الدم للسيف من أجل التأكيد على مطالب الثورة وعدم الالتفاف عليها.

التأكيد على سلمية الثورة كانت هى الروح العامة لدى الملايين التى جاءت إلى ميدان التحرير، إنها بركة الثورة المصرية التى حفظها دم الشهداء من أن تتحول إلى مشاهد للعنف، كما حدث فى ليبيا أو اليمن، ويحدث اليوم فى سوريا، ميدان التحرير تلك البقعة المباركة وما يجرى فيها هو الذى يقرر السياسات الكونية ليس فى الداخل المصرى فقط وإنما فى الإقليم وفى العالم كله، لقد بارك ميدان التحرير دماء الشهداء التى سالت على أرضه من أجل استعادة مصر وكرامتها وإنسانيتها ومكانتها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة