كمال حبيب

ذكرياتى عن حرب أكتوبر المجيدة «1-2»

الإثنين، 07 أكتوبر 2013 11:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين نشبت حرب أكتوبر 1973 كنت وقتها طالبًا فى مدرسة الملك الكامل الثانوية فى السنة الثانية، كنا وقتها فى رمضان، وكانت مشاعرنا تعلو إلى السماء، الفرحة والإيمان ومشهد الجندى المصرى العظيم وهو يعبر قناة السويس قائلًا الله أكبر، معتبرًا أن ما يقوم به هو جهاد فى سبيل الله، وطلب للشهادة فى سبيله. عشت هزيمة يونيو وأنا طفل صغير بقريتى ديمشلت، كان عمرى وقتها عشر سنوات، وكانت ليالينا عتمة فى هذا الوقت جميعًا، لا حديث سوى عن بطولات جيش الاحتلال الصهيونى وما جرى من تشتت للجيش المصرى، ثم كانت حرب الاستنزاف على الفور واستشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض رئيس أركان الجيش المصرى، ووقفت خطيبا صغيرا أمام التلاميذ أشيد بالبطل العظيم الذى فقدناه وهو صائم على جبهة القتال مع العدو المجرم، بذرت فى نفسى وأنا صغير تلك البذور التى عمقت فى معنى الوطنية وحب مصر، وحين امتدت بنا الأيام وتحولنا للاتجاه الإسلامى كان ممزوجًا فى نفسى بالشعور الوطنى تجاه كرامة بلادى والشعور الوطنى والدينى معًا بضرورة استرداد أرضنا، والانتصار على عدونا الذى احتل أرضنا وزعم أنه أقوى قوة فى الشرق الأوسط.
كنت أرى وأنا صغير شباب الجامعات فى قريتى وهم يرتدون الزى العسكرى متجهين إلى جبهات القتال بعد هزيمة يونيه، وكنت أقول لنفسى أنا أحب أن أكون كذلك ضمن المقاتلين لأحارب اليهود الصهاينة الذين احتلوا بلادنا وأهانوا جيشنا، وكانت البزة العسكرية حلمًَا لكل شاب مصرى لكى ينتصر على أعدائنا الصهاينة، كان الجيش المصرى بدأ فى تجنيد خريجى الجامعات بعد الهزيمة ليصبحو أهم ركيزة الجيش الجديدة فى مواجهة العدو الصهيونى المجرم المتغطرس.
وحين بدأنا العمل العام والصحفى عرفت أن انتصارنا على العدو الصهيونى كان أساسه تربويًا وإيمانيًا، فالجندى المصرى الذى عبر ورفع علم مصر وهو يقول الله أكبر عابرًا أكبر حاجز مائى فى التاريخ وأعلى ساتر ترابى كان مسلحًا بالإيمان بالله، فقد علمت من الحاج حافظ سلامة وهو شيخى وصديقى أنه قد بدأ تدشين حملة من العلماء بتنسيق تام مع القوات المسلحة كانت تنطلق من مسجد عمر مكرم بقلب ميدان التحرير إلى جبهات القتال لتزود الجنود بآيات الجهاد والاستشهاد، وكان العلماء يخرجون فى قوافلهم بعد الفجر كل أسبوع يوم الجمعة، ويظلون على الجبهة بشكل دورى مع الجنود والضباط، وكانت العمليات التى تنطلق خلف خطوط العدو يبايع فيها المنطلقون العلماء على الاستشهاد والموت فى سبيل الله، بل إن بعض العلماء المجاهدين كان يرافق الجنود إلى الجهة الشرقية من قناة السويس.
وحين حدثت الثغرة عام 1973 بقيادة شارون، وحاول العدو الصهيونى أن يتسلل إلى أرض السويس الطاهرة، وفعلا دخل بدباباته إلى هناك، وبطريقة الصهاينة الدعائية طلبوا فى الميكرفونات من الأهالى أن يتجمعوا فى استاد السويس وأن يعلن الحاكم العسكرى والمحافظ استسلام المدينة الباسلة، وقد فعلوا واختفى كل منهما عن الوجود، ظهرت الإرادة الشعبية والمعجزة الحقيقية وهى القيادة الشعبية للمدينة، ممثلة فى الحاج حافظ سلامة، رفض المجاهد أن تستسلم بلاده، وأعلن لأول مرة فى المنطقة بداية المقاومة الشعبية المسلحة فى مواجهة الجيوش النظامية، وأدب شارون وقواته وبدأ الشباب الشهداء معه منطلقين من مركز العمليات وهو مسجد الشهداء بمدينة السويس، وأسقطوا أكثر من 70 دبابة ومنعوا استسلام المدينة للعدو الصهيونى المجرم.
وأظهر الله آياته فى تلك الأيام، لقد فجر الله للمقاتلين ضد العدو الصهيونى فى السويس بئرًا يشربون منها حين قطعت المياه عن المدينة، وأراد العدو أن يلاحق الشيخ حافظ ويقتله ولكنه فشل، ومن يذهب إلى مسجد الشهداء بمدينة السويس سوف يجد صورة الشهداء من الشباب تزين مدخل المسجد، وسوف يجد العملاق الحاج حافظ سلامة رغم سنه التسعينى صامدًا هناك علامة على روح أكتوبر التى وحدت أمتنا، وأظهرت عبقريتها وقدرتها على الصمود والتحدى. وللحديث بقية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة