كمال حبيب

فقة جديد فى الاجتماع والسياسة (2-2)

الإثنين، 20 مايو 2013 09:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سيطرة فكرة إصلاح السياسة فى الحضارة الإسلامية عبر تطوير علم أصول الفقه وما أطلق عليه «الجوينى»، غياث الأمم فى التياث الظلم، وإعطاء معنى للعلم بتجاوز الجزئيات ذات المعنى الظنى إلى تحقيق الكليات والمقاصد ذات الطابع اليقينى، كانت جهدا واضحا للعديد من العلماء كان على رأسهم كما أشرنا «أبوالمعالى الجوينى»، وقد عاش فى القرن الخامس الهجرى، وشهد حالة انهيار السلطة وفسادها، وهنا بدأ يفترض خلو الزمان من سلطة سياسية عادلة، بل ومن فروع الشريعة ذاتها وجزئياتها، وهنا فإنه يطرح أن الأمة هى وعاء القيام بمهام السلطة السياسية، التى لا يجوز تركها لحاكم لا يملك مقومات ولا شروط السلطة، وفى الوقت نفسه على المستوى العلمى، فإن علم الأصول وإحياءه والبحث عن القطعيات فى الشريعة، وليست الجزئيات هو المخرج. وقد جاء الشاطبى فى القرن الثامن الهجرى هو وعلماء كثيرون عرفهم هذاالقرن يحاولون البحث عن مشكلة العلاقة بين السلطان وبين العالم، أى بين السلطة السياسية والسلطة العملية فى الخبرة الإسلامية، ورأى الشاطبى نسجا على منوال الجوينى، أن عقلنة التكليف والتأسيس لعلم المقاصد كعلم قطعى، يؤسس لما يمكن أن نطلق عليه خطاب التكليف للأمة وليس للفرد، وهنا تأتى أهمية المقاصد والمصالح، لأن التفكير للأمة وضبط اجتماعها وسياستها يحتاج لأدوات مختلفة عن التفكير للفرد وسياسته، لذا أهمية ما فعله علماء القرن الثامن الهجرى قرن التحديات السياسية والحضارية لعالم الإسلام.
هذا القرن الثامن الهجرى شهد فى المشرق «ابن تيمية»، واجتهاداته السياسية والفقهية والمقاصدية، ومن بعده تلميذه ابن القيم، وفى المغرب حيث كانت الأوضاع صعبة، ظهر الشاطبى وابن خلدون بعلم العمران، وتفسير جديد لعلم التاريخ، يمكن أننا نقول عقلنة علم التاريخ، وهنا البحث عن الأسباب والعلل وتفسير عوامل الصعود والانحطاط تحليل الجوينى والشاطبى وابن خلدون وابن تيمية وابن القيم وغيرهم من علماء القرن الثامن الهجرى، وهو الذى شهد انهيار مؤسسة الخلافة، وفساد السلطة السياسية، وسيادة نسق صوفى مهدد لنسق الشريعة ذاته، جعل من العلماء سلطة تفكر للأمة، وتفكر فى مواجهة السلطة وليس لصالحها أو تحت جناحها، بحيث أن سؤال الشرعية أصبح للأمة وليس للحاكم الذى كان يقوم بوظائفه السياسية والاجتماعية نيابة عن الأمة.
كنت لاحظت أن التاريخ الإسلامى يركز على العصبية والنخب والجماعات التى تقوم نيابة عن الأمة فى صنع تاريخها، لدينا الأمويون والعباسيون وغيرهم، هم أسر تقوم بوظائف الاجتماع والسياسة، ويعد الحديث عن الأمة كصانع للتاريخ والتأسيس له قد بدأمع الجوينى، ومن بعده الشاطبى الذى تحدث عن الموافقات وعن الاعتصام، وبعد الثورة قلت إن الأمة هى من ستصنع تاريخها، وليست النخب أو الوكلاء الذين يتحدثون باسمها أو نيابة عنها.
هنا هل يمكن تصور فعل للأمة بدون مراقبتها للحاكم ؟ وهل يمكن تصور فعل للأمة ولا يزال لدينا من يتحدث عن فقه «أهل الحل والعقد»، وهل يمكن تصور فعل للأمة بدون بناء نظرية اجتماعية وسياسية جديدة، تضع المقاصد والمصالح والعقل والواقع أساسا لها.
على أهل العلم أن يكفوا عن تعاطى السياسة، ويعودوا حيث كان موقع علماء القرن الثامن للتفكير للأمة، ووضع علم اجتماع وسياسة جديد، يليق بحجم التحديات التى يواجهها الإسلاميون فى السلطة، وإلا فإن الأمور ستضطرب وسيصاب النموذج الإسلامى بمشكلة انعدام الثقة والأمل فيه.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة