كمال حبيب

مخاطرة جماعة الإخوان الكبرى

الإثنين، 14 أبريل 2014 11:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تجد جماعة الإخوان سبيلاً لنفسها سوى الاندفاع فى الطريق الذى اختطته لنفسها بعد 30 يونيو و3 يوليو، وهو خط التصعيد والمواجهة مع الدولة المصرية، طريق المواجهة يتطور نحو تحولات داخل الجماعة لعل أخطرها اندفاع شبابها نحو استخدام العنف فى مواجهة مؤسسات الدولة. وقد وصلنى عبر الفيس بوك منشور يتحدث عن المقاومة بعنوان «الإصدار الأول» يستلهم فيه من كتبوه تحويل المظاهرات السلمية للجماعة فى مصر إلى شكل من أشكال المقاومة لأجهزة الشرطة والجيش كما حدث فى الحالة السورية، حين تحولت الثورة هناك من الخط السلمى إلى الخط المسلح العنيف، ويتضمن المنشور فيديوهات من اليوتيوب عن بدايات هذا التحول وتطبيقه فى الحالة المصرية. ربما إدراك الجماعة أن الباب أصبح مفتوحاً على مصراعيه لدى شباب الجماعة نحو اتخاذ قرارات مستقلة عن مركز القرار فى الجماعة باستخدام العنف المنظم شبه الميليشياوى – وفق الإصدار الذى قرأته – هو الذى دعا أمينها العام محمود حسين لإصدار بيان مفصل عن موقف الجماعة من العنف فى الداخل وفى الخارج. بالطبع جزء من البيان موجه للرأى العام الخارجى ولحكومات الدول الغربية التى بدأت مراجعة موقفها من جماعة الإخوان المسلمين كقوة اعتدال بديلة للقوى المتشددة والمتطرفة التى تستخدم العنف والإرهاب، كما هو الحال بالنسبة لجماعة «أنصار بيت المقدس» والتى اعتبرتها أمريكا جماعة إرهابية.
اللافت للانتباه أن شباب الجماعة ردوا على بيان محمود حسين واعتبروه تخذيلا وتهافتا واستخدموا فى سجالهم ضد البيان مصطلحات جديدة لم يسبق للإخوان أن استخدموها فى أدبياتهم ومن بينها مصطلح «دفع الصائل»، وهو مصطلح للسلفية الجهادية تستدعيه من الفقه القديم لتعتبر به الدولة صائلة وظالمة، ولا بد من مواجهة السلطات التى تمثلها وهو أقرب لمصطلح «الطائفة الممتنعة» الذى وضعه «بن تيمية» ليشير به إلى التتار المحاربين للعالم الإسلامى والذين دخل بعض طوائفهم فى الإسلام ولم يكونوا يطبقونه.
المشكلة هنا أن يتم توظيف مصطلحات فقهية كما تفعل الجماعات المتطرفة الإرهابية، لتبرير مواقف عملية وحركية دون وعى بدلالات المصطلحات وسياقاتها، وبدون وعى بتحقيق مناطاتها والفرق بين عللها وأحكامها، نفس الطريقة البسيطة التى يتم الذهاب فيها لكتب الفقه، كما لو كنا نذهب لمحلات تجارية لشراء بعض حاجياتنا، وهذا ما أطلق عليه الشاطبى «الاستظهار» فى التعامل مع هذه المصطلحات، وحين تتشابه طريقتك فى الاستدلال مع جماعات تمارس العنف والإرهاب، فأنت بلا جدال ستسلك مسلكها فى استخدام طرائق الاستدلال تلك فى عمليات حركية فى الشارع وفى الواقع. فى سياق الضغط الأمنى والمواجهة المستمرة مع الدولة المصرية لا تتصور أنك تستطيع أن تحقق التربية، والالتزام الأخلاقى، والتزكية التى هى هدف أساسى للجماعة بالضرورة، ومن ثم ينشأ جيل جديد فى ظل سياق مطارد ينزع إلى العنف والمواجهة واستخدام ما يراه ممكنا لمواجهة تحدى المواجهة والمطاردة التى يعيشها، فى سياق البيئات والجغرافيا المطمئنة تستطيع أن تنشئ جيلا يستعلى بإيمانه، ويتواضع لأقدار الله ويبحث عما أصابه فى نفسه فيعمل على تغييرها، أما فى سياق المواجهة والقلق والمطاردة فسوف تؤسس لجيل يحمل طبيعة عنيفة أقرب إلى طبائع المجرمين منها إلى طبائع الهداة المؤمنين. لن يمنع بيان محمود حسين شباب الجماعة من المضى قدما نحو العنف لأن الظواهر الحشدية التى جوهرها المراهقون من الفتيات والفتيان والتى تعبر عما أطلق عليه «فائض الطاقة» لديهم ستقودهم حتما إلى المضى قدما نحو مخرجات عنف بالضرورة، وهذه هى المخاطرة الكبرى التى تواجهها جماعة الإخوان فى مصر اليوم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد توفيق

عادي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة