كمال حبيب

رمضان كريم

الإثنين، 30 يونيو 2014 07:21 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يأتى شهر رمضان المبارك فى وقت الرمض والذى يعنى الحر الشديد، وهو قد يأتى فى غير فصول الحر القائظ، بيد أن المعاناة التى يواجهها الإنسان فى وقت الحر هى التى جعلت الشهر يختص بها. ويأتينا رمضان هذا العام فى شهر يوليو حيث درجة الحرارة ملتهبة، ورغم ذلك نقول جميعاً «رمضان كريم»، ونبارك لبعضنا مجىء رمضان ونعتبره الشهر الأهم فى العام حيث نقول مع مقدمه «كل عام وأنتم بخير». وهو كذلك بالفعل ففى الشهر الكريم ليلة القدر التى قال عنها القرآن الكريم «خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر»، أى أن ليلة القدر هى التى يقدر الله فيها للناس أقدار عامهم كله، ثم تبين تلك الأقدار مقدرة بالأيام والساعات والدقائق والثوانى. رمضان هو عروس العام ففيه يقف العاصى عن أن يكون ظهيراً للشيطان على ربه، وفيه تمتلئ المساجد بالمصلين وبالركع السجود، وفيه يقبل الناس على الاعتكاف منقطعين عن أسباب الكد والسعى، وهم يراجعون أنفسهم وينظرون فى مآلاتهم وأحوالهم، ويخلصون إلى خالقهم ولسان حالهم يقول «وعجلت إليك رب لترضى». وفى الشهر الكريم تهفو القلوب إلى القرآن الكريم فيجعل كل إنسان لنفسه وردا منه، ينتقل فيه بين أزهار الآيات وثمارها يقطف من جناها وتتفتح له أزهار معانيها، فرمضان هو شهر القرآن «شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان». ويستعد كثيرون من الجموع الغفيرة فى رمضان للتوجه إلى بيت الله الحرام فى مكة المكرمة، حيث يعتمرون ويقصدون مسجد النبى صلى الله عليه وسلم، ويقضى هؤلاء جميعاً الشهر كاملا فى عبادة الله والانقطاع بأنفسهم عن أسباب الدنيا ومغرياتها، معلنين وحدانيتهم لله سبحانه وتعالى ليقولوا «إن الآخرة خير وأبقى». وتتفتح النفس ويتوق الوجدان إلى الدعاء «وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون»، فالعلاقة مفتوحة بلا واسطة بين الله والإنسان.

وفى الرزق تجد السعة فى شهر رمضان، فيحضر لك ما كنت تظنه لن يأتى، ويتحصل عندك ما كنت تعتقد فقدانه، تنفتح فيه أبواب السموات وفى الحديث «يزداد فيه رزق المؤمن» أى أن الأرزاق تزيد مع العمل الصالح ومع الطاعات ومع التراحم والتكافل كما فى قوله تعالى «قلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً». وفى قوله تعالى: «ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون»، فالإيمان والتقوى يفتحان البركات من السماء والأرض، وبالطبع ليس الإيمان والتقوى مجرداً من العمل الصالح والكد والسعى فى الحياة الدنيا وعمرانها وتحقيق أسباب النهوض والاستخلاف فيها. وفى قوله تعالى: «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون». وشهر رمضان هو شهر الصبر والاحتساب والبذل للفقراء والمساكين، وكثيرون من المسلمين يخرجون زكوات أموالهم وعروضهم من التجارة فى هذا الشهر الكريم، فتجد المال متداول بين المسلمين وفى المجتمع كله فيزدهر الاقتصاد وترضى النفوس وتهدأ الحزازات ويصفد الشياطين فيتحرر الإنسان مع عبء وساوسها وشرها وشركها ونفثها وخبثها. رمضان شهر كريم، تمد فيه موائد الرحمن للفقراء والمساكين فيأكلون بلا مقابل، وإنى آمل أن تقوم الدولة ذاتها فى شهر رمضان بنشر مطاعمها، حتى يشعر الناس والفقراء بالأمل والثقة فى أن رمضان كرمه يعنى الأمل فى أن الغد أفضل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة