أكرم القصاص

حظر وعدالة ونميمة

الأربعاء، 28 سبتمبر 2011 08:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعم قرارات حظر النشر تسبب المزيد من النشر المشوه، وعلى الذين مازالوا يعتقدون إمكانية حجب المعلومات أن يعيدوا التفكير ويعلموا أن العالم تغير وأصبحت فيه الأسرار معروضة على أرصفة الفضاء الإلكترونى مجانا، ورجال المخابرات يتحركون علنا وبأسمائهم دون أى محاولة للتمويه. وبالتالى فلا حاجة لحظر النشر بل العكس، حيث يجب على كل صاحب قرار أن يحرص على أن ينشر تفاصيل خطواته وقراراته دون أى التباسات.

أيضا، فإن النشر بالنسبة للمحاكمات هو من أجل المعرفة وليس من أجل أن يتحول البعض إلى قضاة يصدرون الأحكام قبل المحكمة بالقطاعى، ويعلقون على كل همسة وكلمة، ليتحولوا إلى قضاة بالقطعة. فالهدف من علنية المحاكمات أن يكون المجتمع شاهدا على تحقيق العدالة، ولا يحق لأحد أن يطالب بالعدالة ثم يبدأ فى التشكيك.

لقد أصبحنا أمام حالة من الفراغ تدفع البعض لإطلاق أية تعليقات دون النظر لنتائجها على القضاء وعلى سير المحاكمات. ولم تصبح الرغبة هى تحقيق العدالة، بقدر ما أصبحت بحثا عن أكثر التعليقات جذبا ونشرا.

فى أى محاكمة طبيعى أن القاضى يستمع إلى كل الشهود والوقائع والقرائن ويسأل الجميع، فى محاكمة مبارك ورجاله عن قتل المتظاهرين فهى قضية متشابكة الخيوط تتعلق بقرارات سياسية وأفراد متورطين، والفاعل هنا أو من أطلق الرصاص يختلف عن من أصدر الأمر، ومن حق المحكمة أن تعمل فى هدوء وتحقق الأدلة علنا وأمام المجتمع، وإلا تتحول شهادة الشهود إلى مجالات للمزايدة وتحقق أرباحا مادية أو نجومية، دون حساب للثمن الذى تدفعه العدالة.

لم تكن جريمة قتل المتظاهرين هى الوحيدة التى يجب أن يحاكم عليها مبارك ورجاله، ولو اختصرنا المحاكمة فى جناية واحدة لأضعنا فرصة كبرى لمعرفة كيف كانت تحكم مصر، وكيف تحولت جماعات الحزب الوطنى إلى مافيا تحكم وتتحكم وتقتل وتسرق بقوانين مصطنعة، وقرارات على المقاس. نحن فى حاجة لمعرفة كيف تحولت مصر إلى عزبة يحكمها الهوى، حتى لا نكرر ما جرى، ولانعود مرة أخرى لنسلم أنفسنا لوكلاء. نريد أن نعرف حتى يمكننا أن نصنع نظاما نشارك فيه، وليس وكيلا نسلمه أنفسنا ومستقبلنا.

وهذا لم يأت بمصادرة حق العدالة، وحقوق الدفاع.. ولا بشهوة النميمة تتفوق على الرغبة فى المعرفة.

لقد أخطأ من ظنوا أن حظر النشر يمكن أن يحجب الحقيقة، وربما اكتشفوا أن الحظر يضعهم أمام أنصاف حقائق، لكن الرغبة فى النميمة تجعل من الصعب معرفة الحقيقة وسط هذا الكم من التسريبات المختلطة بالتعليقات والرأى الشخصى تجعل من الصعب بناء التحليل السليم.
ونحن ندافع عن حق المعرفة ونرفض حظر النشر، وندافع عن حق العدالة أن تعمل بحرية، فالحظر يخفى نصف الحقيقة، والمزايدات تخفى النصف الآخر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة