هل كان حلم إقامة دولة يهودية في الأندلس سبب مذبحة غرناطة؟

الإثنين، 30 ديسمبر 2019 03:11 م
هل كان حلم إقامة دولة يهودية في الأندلس سبب مذبحة غرناطة؟ أرشيفية
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمراليوم الذكرى الـ953، على قيام مسلمو غرناطة بالهجوم على القصر الملكي ويصلبون الوزير اليهودي يوسف بن نغريلا، وزير ملك البربر باديس المظفرمن غرناطة، كما كان زعيم الطائفة اليهودية في غرناطة، وقتل معظم السكان اليهود في المدينة بما سمي مجزرة غرناطة، وذلك في 30 ديسمبر عام 1066م.

كان لباديس بن حبوس الصنهاجي ثالث حكام طائفة غرناطة، كاتب ووزير اسمه أبو العباس وكان لأبو العباس هذا مساعد يهودي اسمه "يوسف بن نغريلا" كان داهية شديد الذكاء وأيضاً حسن السيرة فلما توفى أبو العباس أخذ يوسف اليهودي مكانه وأخذ في التقرب إلى باديس وكان ينتظر الفرصة السانحة ليترقى في منزلته عند باديس.

وبحسب كتاب " مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر 403هـ - 483هـ" تأليف الدكتورة مريم قاسم طويل، فإن يوسف عين فى المتصرفين والعمال من اليهود، وأخذ نفسه بالاجتهاد فى جميع المال واستخراجه، فاستطاع بحنكته أن يملأ خزائن باديس بها أن يمكنه من الإنفاق على جيشه، وسلم يوسف بعض اليهود المناصب الهامة فى غرناطة، وعلى رأسهم الشاعر ابن عزرا الذى كان يتقن اللغة العربية إلى جانب العبرية، وكان ينظم بالعربية فى موضوعات الغزل والخمر ووصف الطبيعة وغيرها من أغراض الشعر.

واتخذ "يوسف" لقب أبيه الناغيد، وكان يظهر بمظهر أميره باديس، وكان ليوسف على أميره جواسيس من نساء وفتيان فى قصره يغمرهم بالمال، بحيث لم يكن يخفى عليه شىء من أموره كل ما يجرى داخل القصر، وبعد موت ابن باديس، على يد "يوسف" حسبما توضح المؤلفة، انطوى "باديس" على نفسه وزهد فى طلب البلاد، وأخلد للراحة، وفوض أمره إلى وزيره يوسف، وبسبب هذا تمادى يوسف فى سلطانه وشمخ بأنفه، فتطاول على القرآن الكريم، وجاهر فى الطعن فى ملة الإسلام، واليهود مع ذلك تتشاءم باسمه، وتظلم من جور حكمه، وقد هاجمه ابن حزم الأندلسى فى رسالته الموسومة بـ"الرد على ابن النغريلة".

وكان يوسف يحتقر الأديان جميعيا، إذ لم يكن يهوديا إلا بالاسم فقط، فقد حمل على الدين الموسوى، ولم يكن يؤمن بكبار رجال الدين اليهودى، ووصل به الأمر إلى حد احتقارهم، كما جهر بالغض من الدين المحمدى، وحرف كثيرا من آيات القران وتهكم على بعضها، وجاهر بالإلحاد.

وبحس عدد من الدراسات شعر يوسف اليهودي بتزايد السخط الشعبي ضده وأن منزلته عند باديس قد ضعفت ففكر في التفاهم مع أبي يحيي بن صمادح صاحب مملكة ألمرية واستدعائه للاستيلاء على غرناطة، ومهد اليهودي السبيل لمشروعة الخطير بأن عمل على تعيين زعماء صنهاجة الذين يخشى بأسهم في الأعمال البعيدة واستطاع ابن صمادح بالفعل أن يستولى على وادي آسن الواقع شمال شرقي غرناطة وأن يشحنها برجاله والمخطط اليهودي يسير في طريقه وباديس غارق في لهوه منكب على لذاته وشعبه يضطرم سخطاً على الطاغية اليهودي.

وبالعودة إلى الكتاب سالف الذكر، فإن يوسف طمح بحكم غرناطة وإقامة دولة لليهود فيها، فاتصل بالسر بالمعتصم ابن صمادح، وحثه لى أن يدخله غرناطة، ويكون فى المرية، وبالفعل أغارت على غرناطة بعوث المعتصم تقول أنها قدمت باستدعاء يوسف، وباديس فى هذا الحال منغمس فى بطالته.

لكن ووفقا للمؤلفة مريم قاسم طويل، فإن عبد المجيد نعنى يرى أن اليهودى لم يكن يريد إقامة دولة يهودية، ومن المرجح أن يكون وجد نفسه مضطرا للتعاون مع المعتصم ومساعدته فى احتلال غرناطة، ليتقرب منه ويضمن ديمومة نفوذه بغرناطة، حتى وفاة باديس ومن ثم يتولى هو الحكم.

وكان لنفوذ "يوسف" فى غرناطة أن طلب من "باديس" نفى أبى إسحاق الإلبيرى، فكتب الأخير فيه قصيدة هجاء أثارت حفيظة المسلمين بغرناطة، فذاعت بين المسلمين ودفعته للهياج على يوسف وقومه.

ذلك إلى اشتعال الثورة في 10 صفر 459 هـ، بعد أن حدثت مشادة في قصر ابن نغرالة، خرج على إثرها عبد وأشاع أن ابن صمادح سيهاجم المدينة. هاجم الناس القصر، وقتلوا ابن نغرالة، وهاجموا اليهود في كل مكان وفتكوا بعدد كبير منهم، ويعتقد البعض أن الضحايا وصلوا إلى 4 آلاف قتيل، واستغل ابن صمادح الاضطراب في غرناطة وضم وادي آش، سار باديس بعد ذلك لقتال ابن صمادح، بمعاونة من المأمون بن ذي النون صاحب طليطلة على أن يتنازل له عن مدينة بسطة، وبدأ بمهاجمة وادي آش، استسلمت وادي آش، ثم اعتذر ابن صمادح لباديس وعادت الأمور بينهما إلى سابقها، ثم أقنعه أحد وزرائه بانتزاع بياسة من يد علي بن مجاهد العامري، ونجح باديس في ذلك.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة