بينما يرسم الفلسطينيون صورة جديدة فى دفتر المقاومة التاريخية لليوم الثانى عشر على التوالى أمام الغارات الإسرائيلية الغاشمة التى لا تفرق بين كهل ورضيع، اهتز العالم، مساء أمس الثلاثاء، على وقع وقع صرخات أطفال من أعمار مختلفة جمعتهم ساحات مستشفى الأهلى المعمدانى الكائن بحى الزيتون جنوب غزة؛ ما أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من ألف فلسطيني في حصيلة أولية لوزارة الصحة الفلسطينية.
فجرت الجريمة النكراء موجة غضب غير مسبوقة بالشارع العربى، بالتزامن مع إدانات رسمية عربية ودولية منذ اللحظات الأولى للقصف الوحشى، منددة باعمل الإجرامى ومطالبة بمحاسبة إسرائيل على المجزرة التى تعد جريمة حرب وخرقا للقانون الدولى.
شجب وإدانة
على الصعيد الرسمى، صدرت بيانات الشجب والإدانة بأشد العبارات للعدوان الإسرائيلى وجريمته المروعة ، فى هذا الإطار أدانت الإمارات جريمة القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمدانى ودعت الإمارات وروسيا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن اليوم الأربعاء ؛ بشأن الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وشددت خارجية الإمارات على ضرورة الوقف الفورى للعنف فى غزة وعدم استهداف المدنيين والمؤسسات المدنية داعية المجتمع الدولى إلى بذل الجهود لحماية أرواح المدنيين الابرياء.
ومن جانب آخر؛ أعربت وزارة الخارجية الكويتية عن إدانة الكويت واستهجانها الشديدين للقصف الوحشي الذي تعرض له مستشفى المعمداني، مؤكدة أن ما تقوم به قوات الاحتلال من استهداف للمستشفيات والمرافق العامة يعد خرقاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني. ودعت الخارجية المجتمع الدولي ومجلس الأمن لوضع حد فوري لهذه الممارسات اللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق والتي لا يقرها دين ولا قانون ولا فطرة انسانية سوية.
وعلى صعيد الإدانات أيضا، أعرب جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن إدانته واستنكاره الشديدين للقصف الوحشي لقوات الاحتلال الإسرائيلية لمستشفى الأهلي المعمداني في مدينة غزة الفلسطينية، مما سبب استشهاد وإصابة مئات الأعداد من المدنيين الأبرياء.وفق بيان صادر عن المجلس.
وقال البديوى؛ أن استهداف مستشفى الأهلي المعمداني دليل صارخ لانتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي الخطيرة الغير معترفة بالمواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية، ودليل على رعونة ممارساتها.
وأكد البديوى على المواقف الثابتة دول مجلس التعاون والمناهضة للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة والخطيرة, داعياً معاليه المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته ومهامه لوقف تصرفات قوات الاحتلال الإسرائيلية.
كما صدر عن وزارة الخارجية السعودية بيان، أعربت فيه عن إدانة المملكة بأشد العبارات لتلك الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصفها مستشفى الأهلي المعمداني في غزة، مؤكدة أن هذا الاعتداء الوحشي يعُد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الدولية بما فيها القانون الدولي الإنساني، مشددة على أن قصف مستشفى بغزة هو تطور خطير يفرض على المجتمع الدولي التخلي عن ازدواجية المعايير.
وأعربت سلطنة عمان عن استنكارها وإدانتها استهداف مستشفى المعمداني من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي الأمر الذي يمثل جريمة من جرائم الحرب والإبادة وانتهاكا للقانون الدولي الانساني.
وفي السياق ذاته، أدانت وزارة الخارجية الأردنية القصف الذي استهدف مستشفى الأهلي المعمداني، وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة سفيان القضاة رفض وإدانة المملكة الشديدين لهذا الفعل، وشدد على ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وضرورة تكاتف الجهود لوقف الحرب المستعرة على غزة فوراً.
ومن جانبها، أدانت قطر الغارة الجوية الإسرائيلية على مستشفى في غزة.
وأعربت الجزائر أيضا عن إدانتها بشدة الهجوم الإسرائيلي الهمجي المتعمد على مستشفى المعمداني في قطاع غزة، وناشدت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والضمير العالمي التدخل الفوري لوقف مثل هذه الأعمال الهمجية التي تنتـهك وبشكل صارخ القانون الدولي والإنساني وأبسط القيم الإنسانية.
وعلى الصعيد نفسه، أصدرت سوريا بياناً جاء فيه: إن ما أقدمت عليه قوات الإجرام الإسرائيلية في عدوانها على مستشفى المعمداني بقطاع غزة يشكل واحدة من أبشع المجازر ضد الانسانية في العصر الحديث، وأكثرها دمويةً. وتابع البيان، أن سوريا تعتبر هذه المجزرة بحق مئات الأبرياء في غزة عملاً وحشياً يعبّر عن مستوى حقد العدو الذي تجاوز بجرائمه أقصى درجات العدوانية والقتل، وأضاف: "إن هذه الجريمة الشنيعة لتذكرنا إلا بجرائم هذا الكيان الذي قام وتأسس على المجازر، وتعكس صورة صارخة لاستمرار نهج العصابات". وحملت الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية هذه المجزرة وغيرها من المجازر.
وأدانت الحكومة اليمنية بشدة "جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تنتهجها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة". وقالت الخارجية اليمنية في بيان نقلته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" الحكومية، إن "قصف إسرائيل المتعمد للمستشفى الأهلي المعمداني، والذي أسفر عن سقوط المئات من الضحايا الأبرياء، جريمة ضد الإنسانية يجب أن يعاقب مرتكبيها".
الصحة العالمية و"اليونيسف"
وعلى صعيد ردود فعل المنظمات الدولية، أدانت منظمة الصحة العالمية بشدة الهجوم على المستشفى ، مطالبة بتوفير الحماية الفورية للمدنيين والرعاية الصحية، وإلغاء أوامر الإخلاء.
من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن "فزعه" إزاء القصف الإسرائيلى على المستشفى، وقال على موقع التواصل الاجتماعي "إكس": "قلبي مع أسر ضحايا الحادث. يحظى المستشفيات والكوادر الطبية بحماية وفقًا للقانون الإنساني الدولي".
مسيرات شعبية غاضبة
ومن الشجب والإدانة إلى الغضب الشعبى، و البداية كانت من بلاد الأرز، حيث انطلقت مسيرة احتجاجية فى شوارع العاصمة بيروت؛ تنديدا بمجزرة مستشفى المعمدانىة، والتي راح ضحيتها مئات الفلسطينيين.
توجه المئات من المتظاهرين ليل الثلاثاء إلى محيط السفارة الأمريكية شمال بيروت، وجالت سيارات ودراجات نارية، رفع بعضها أعلام فلسطين أحياء عدة في بيروت ومحيطها، وتوجه المئات منهم إلى محيط السفارة الأمريكية في منطقة عوكر بعدما تجمعوا في وسط بيروت رافعين لافتات عدة، كُتب على إحداها "المقاومة خيارنا". ورددوا شعارات عدة "بالروح بالدم نفديك يا أقصى".
وفى العاصمة الأردنية عمان ، توجهت جموع من الأردنيين نحو محيط السفارة الإسرائيلية احتجاجًا على قصف القوات الإسرائيلية لمستشفى الأهلي المعمداني ، وطالبوا بطرد السفير الإسرائيلي وإغلاق السفارة. واستمرت الحشود في التوافد نحو السفارة حتى ساعات متأخرة من الليل.
وفى اليمن خرجت، مسيرات في عدد من المدن اليمنية، احتجاجًا على قصف إسرائيل لمستشفى المعمداني ، حيث رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية وهتفوا تضامنًا مع الشعب الفلسطيني في مواجهة القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
وفي العاصمة الكويت احتشد برلمانيون سابقون ورموز سياسية في تظاهرة احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي حملت الأعلام الفلسطينية.
وقد شارك مئات المغاربة، في وقفات احتجاجية، بعدة مدن، للتنديد بهجوم إسرائيل على المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، ووثقت مقاطع فيديو بمنصات التواصل الاجتماعي ترديد المحتجون شعارات تطالب بوقف الحرب ضد غزة، وتندد بقصف المستشفى.
وفى تونس خرجت مسيرات غاضبة في مدن عدى تنديدا بالقصف الإسرائيلي لقطاع غزة، وأشعل القصف غضبا عارما في الشارع التونسي مع انتشار صور ومقاطع فيديو مروعة للضحايا وبينهم عدد كبير من الأطفال.
تونس
ووسط تعزيزات أمنية كبيرة، تجمع مئات التونسيين في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة حاملين الرايات الفلسطينية، وأحاطت أعداد منهم بمقر السفارة الفرنسية بالشارع نفسه احتجاجا على "انحياز" باريس لإسرائيل. كما خرجت مسيرة في وسط صفاقس وفي مدن أخرى.
وردد المحتشدون شعارات من قبيل "سفير فرنسا ارحل ارحل" و"الشعب يريد تحرير فلسطين"، وحملوا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مسؤولية المشاركة في مجزرة مستشفى المعمداني.
وشهدت المظاهرة مشاركة شخصيات سياسية ونقابية تونسية، بينها حمة الهمامي أمين عام حزب العمال (يسار)، وعبد اللطيف المكي عضو جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري.
وشهدت مدن صفاقس (جنوب) وسوسة (شرق) والكاف (شمال غرب) وقابس وتطاوين (جنوب شرق) مظاهرات احتجاجية شارك فيها المئات.
عمان
تظاهر مئات الموريتانيين، مساء الثلاثاء، أمام السفارة الأميركية في نواكشوط تنديدا بمجزرة المستشفى المعمداني في غزة، ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وهتفوا مطالبين بـ"وقف المجازر التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة".
وانتشرت الشرطة الموريتانية في محيط سفارة واشنطن دون الاحتكاك بالمتظاهرين الغاضبين. ودعا المتظاهرون إلى "محاسبة إسرائيل على المجازر التي ارتكبتها منذ بدء العدوان على غزة".
وعلى صعيد متصل، خرج مئات العراقيين فى مسيرات شعبية للتنديد بقصف إسرائيل لمستشفى المعمداني في غزة. وطالبوا الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي بالتدخل لمنع هذه الجرائم التي تطال المدنيين.
حداد وتنكيس الأعلام
وفي سياق التضامن العربى مع الفلسطينيين، أعلن كل من العراق ولبنان والأردن الحداد وتنكيس الأعلام، الأربعاء، فيما أصدرت وزارة التربية قراراً بإغلاق المدارس والثانويات تضامناً مع غزة. وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: مئات الضحايا في مستشفى المعمداني في غزة بفعل الإجرام الإسرائيلي والضمير العالمي الساكت عن الظلم والحق. فإلى متى؟". وبدوره، استنكر رئيس مجلس النواب نبيه بري المجزرة قائلاً: "الإدانة للكيان الإسرائيلي على سفكه الدم الفلسطيني في المستشفى المعمداني في قطاع غزة وعلى النحو الذي حصل وحدها لا تكفي".
وأردف: "بعد قانا والمنصوري وقبلهما دير ياسين وصلحا وحولا وبحر البقر، هي هي إسرائيل تصفع الإنسانية على وجهها بجريمة إبادة لا تصدق، مئات الشهداء وعداد القتل الإسرائيلي لا يتوقف، فهل يصحو ضمير العالم لكبح جماح آلة الابادة الإسرائيلية، التي صدقوني لا تستهدف الشعب الفلسطيني إنما تستهدف البشرية والإنسانية على حد سواء".
وأكد أن لبنان يدعو مجدداً الى التدخل الفوري للمجتمع الدولي لوقف المجازر الاسرائيلية وإطلاق النار، بغية إدخال المساعدات الانسانية والطبية الى قطاع غزة، ومعالجة الجرحى والمصابين.
فيما أعلنت السلطات العراقية، الحداد الوطني، أيضا لمدة ثلاثة أيام على ضحايا الهجوم الإسرائيلي، وجاء في بيان من المتحدث الصحفي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي: "نحن نعلن أيضًا الحداد العام في جمهورية العراق لمدة ثلاثة أيام من احترام وحزن على النفوس البريئة التي أصبحت ضحية الصمت الدولي، قبل أن تصبح ضحية النيران الوحشية للعدوان".
