أكرم القصاص

«أبلة فضيلة».. حدوتة لا تفرغ وعصر لا يغيب

السبت، 25 مارس 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«أبلة فضيلة» هى تلخيص لمسيرة أجيال ممتدة على مدار عقود، وهى واحدة من جواهر الإذاعة المصرية، فقد استمرت طوال نصف قرن - على الأقل - تطل على أطفال مصر والعالم العربى، وتحكى وتعلم، بل إن أبلة فضيلة تستمر بقوة وحكاياتها تتواصل مع الإنترنت وتطبيقات الموبايل، ونظن أن الأجيال التى لم تعاصر أبلة فضيلة تجد فيها جاذبية ومتعة حتى الآن.
 
بالطبع، فإن جيل الآباء والأمهات الحالى، والأجداد والجدات، يحمل فى ذاكرته وحياته أبلة فضيلة، ومعها الكثير من التفاصيل والذكريات عن عشرات البرامج والأصوات التى عاشت وشكلت عقول وثقافة، بالطبع كان عصر الإذاعة بامتياز، ولما ظهر التليفزيون استمر تأثيرا الإذاعة، بالشكل الذى جعلها أداة تربية وتثقيف، عابرة للجدران، وكانت أبلة فضيلة إحدى أهم مفردات هذا العصر مع غيرها من عمالقة الإذاعة.
 
أبلة فضيلة توفيق عاشت أيضا عصر ممتدا مليئا بالأحداث والتفاصيل والتحولات، مثل جيلها المولود فى العقد الثالث من القرن العشرين، وبدأت مشوارها الإذاعى فى مطلع الخمسينيات، وقدمت برامج حوارية استضافت فيها نجوم عصرهم، مثل أم كلثوم وعبدالوهاب والدكتور طه حسين، وغيرهم من العمالقة، بالطبع قدمت مثل باقى نجوم الإذاعة النشرات، التى كانت هى أيضا وجبات مهمة ينتظرها المستمعون ليعرفوا ماذا جرى فى الدنيا، مثل صوت أبلة فضيلة ببرنامج الحكايات الشهير «غنوة وحدوتة»، علامة من علامات العصر، مثل المدارس والحصص والألعاب والفنون بالمدارس، وعلق صوت أبلة فضيلة فى أذهان أطفال مواليد الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، وظل «غنوة وحدوتة» أشهر برنامج للأطفال بالإذاعة المصرية فى الوطن العربى، وهناك عشرات الحواديت التى تمثل ليس فقط تسلية وتفاصيل علقت بأذهان الأطفال الذين صاروا اليوم آباء وأمهات بل وربما أجدادا وجدات، وما تزال تتواصل لتمثل خيطا من الذكريات، حواديت مثل «كوب اللبن»، «بنت الفلاحة»، «الكتكوت الصغير»، «أرنب وتعلب»، «المقشة الصغيرة»، وغيرها من الحواديث التى كانت تحمل فى طياتها أفكارا تربوية، تحض على المساواة والتكافؤ والعدل والتطوع والنظافة، وكلها من دون خطاب مباشر أو توجيه.
 
والمفارقة أن أبلة فضيلة رحلت فى رمضان، وهو الشهر الذى يحمل الذكريات والحنين، وما كنا نشير إليه من الخيالات، فمن عاصروا الإذاعة فى ذروتها، سيعرفون أنها كانت وسيلة الإعلام الأقوى تأثيرا لما لها من قدرة على عبور الأمية والعجز عن القراءة، ومثل أبلة فضيلة والحدوثة، تحمل الذاكرة السمعية «ألف ليلة وليلة» للفنانة القديرة زوزو ماضى، ومعها الفنان الكبير عبدالرحيم الزرقانى، ومئات القصص والمسلسلات التى كانت تقدم بمؤثرات وصوتية، وخيال يناسب ظلام مقبل الكهرباء، وبداياتها كانت الإذاعة تترك مساحة للخيال لاستكمال المسلسل أو الحدث، ومنها أبلة فضيلة وبابا شارو، وحسن شمس «عمو حسن»، وغيرهم من عشرات ومئات الأعمال التى مثلت عصرا لامعا، وتراثا مهما، ويحمل بصمات لعصر، يختلف تماما عن عصر الإنترنت، والذى له خياراته وطريقة التعامل معه ومع ثقافته ومنتجاته، لكن المفارقة أننا ونحن فى عصر الإنترنت، نجد فرصة لحفظ واستمرارية تراث الإذاعة وأبلة فضيلة التى تمثل قطعة من ذاكرة الأجيال، فى وقت نتحدث فيه عن عصر الاتصالات والثورة التكنولوجية، ونحلم أن تبقى أدوات للتسلية والتعليم والتثقيف، لتتواصل الأجيال. 
 
أبلة فضيلة نموذج لعصر، وطريقة نعتقد أن استمراريتها دليل على عظمتها، ولها فى كل عقل قصة وصوت يرن، وذكريات وثقافة وفن ومتعة وتسلية، يجعلها تعيش بالرغم من الرحيل. 
 
p
 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة