د./ داليا مجدي عبد الغني تكتب :عرش الأولوية

الجمعة، 08 سبتمبر 2023 03:38 م
د./ داليا مجدي عبد الغني تكتب :عرش الأولوية د./ داليا مجدي عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كم من مرة وضعت أشياء على عرش أولوياتك، وفضلت ناس في حياتك ومنحتهم كل الأفضلية، وكم من مرة أدركت أن لا هذا ولا ذاك كان يستحق الأولوية أو الأفضلية، وأنك عندما استبدلتهم بغيرهم، اكتشفت أن البدائل أجمل وأفضل بكثير، وأنها هي التي تستحق التربع على عرش الأولوية.

هل تعي أولاً ما المقصود بعرش الأولوية؟ هذا العرش من صُنعك أنت، فأنت وحدك مَنْ تضع له المعايير والمقاييس، وأنت فقط مَنْ يُدرك قيمة مَنْ يستحق أن يجلس عليه، لأنه عرش ذاتي وإنساني وخاص للغاية، فمعاييره ليست مُطلقة، فهي تختلف من شخص لآخر، ولكن تأتي المشكلة مُتجسدة عندما تصنع العرش وتضع المعايير، ورغم ذلك تختار الشخص الخطأ، لكي تُجلسه على هذا العرش، ظنًا منك أنه ينطبق عليه كافة المقاييس، وللأسف، عندما تبدأ في إدراك الحقيقة، لا يكون لديك الشجاعة الكافية لكي تُزحزحه عن هذا العرش، لأنك تخشى من إعلان فشل التجربة، أو ربما يظل لديك الأمل في أنه ربما سيتغير ويُصبح يليق بالعرش.

وتمر الأيام، وتكشف لك سُوء تقديرك، وقصر نظرك، وأن الإنسان صعب أن يتغير، خاصة لو كان مُعجبًا بنفسه، ولديه قُصور شديد في تقييم ذاته، لاسيما لو كان قد تجاوز مرحلة مُحاسبة النفس من وجهة نظره، فهنا لا يكون أمامك سوى قرار واحد فقط وهو طرده من على العرش واستبداله بغيره وبالقطع لابد أن تستبدله بمَنْ هو أفضل منه، والأهم أن تستبدله بمَنْ يليق عليه عرش الأولوية ويستحقها بلا مُنازع.

والغريب أنك إذا وجدت البديل، ستُصاب بحالة من هيستيريا الضحك، عندما تجد أنه كان هو الشخص الوحيد الذي يستحق أن تكون له الأولوية في حياتك، وأن هذا العرش صُنِعَ من أجله، وأنك تأخرت كثيرًا لكي تفطن لتلك الحقيقة المُؤكدة. والسبب كان يكمن في خشيتك من التعامل مع البدائل.

ولكن يا سادة، أحيانًا نظن أن الأصل هو الحقيقة، والبديل هو الزيف، في حين أن المواقف والحياة أثبتت أن ما كنا نظنه الأصل هو الزيف بعينه، وما كنا نعتبره مجرد بديل ليس إلا، أصبح وبلا أدنى وجه للشك هو الأصل.

والعيب الحقيقي كان يكمن في النظارة التي نظرنا من خلالها لفحص المعادن، فعكست الحقائق وجسدت الزجاج على أنه ماس، في حين أن الماس كان هو البديل الذي أصبح يتربع على عرش الأولوية.

فلا تخشوا من البدائل، وخوض التجارب الجديدة، وإعادة الحسابات الشخصية، ووضع كل شخص في المكانة التي يستحقها، ومن إعادة توزيع الأماكن والأنصبة، حتى لا تسمحوا بالجلوس على عرش الأولوية إلا لمَنْ يستحق وبجدارة ساحقة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة