سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 16 أبريل 1948..مولد عمار الشريعى ووالداه يتلقيان صدمة أنه كفيف.. وأمه: «حدث ولادتك كان أهم ما جرى فى الكون كله»

الثلاثاء، 16 أبريل 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 16 أبريل 1948..مولد عمار الشريعى ووالداه يتلقيان صدمة أنه كفيف.. وأمه: «حدث ولادتك كان أهم ما جرى فى الكون كله» عمار الشريعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان الوقت بين المغرب والعشاء، حين جاء رجل بدوى يعيش بالصحراء الغربية بين مصر وليبيا لزيارة صديقه محمد باشا الشريعى فى «سمالوط» بمحافظة المنيا، وكان ابنه على يحبه كثيرا ويناديه «عمى عمار المصرى»، وتناول الضيف الغذاء مع محمد باشا وابنه على، وامتدت الزيارة حتى استقبل على مولوده الجديد يوم 16 أبريل، مثل هذا اليوم، 1948، فاسماه عمار، ليكون «عمار على محمد باشا الشريعى»، حسبما يذكر عمار فى حواره مع مجلة المصور يوم 11 أغسطس 1995.


كان مولد عمار هو الإضافة الجديدة لعائلة الشريعى العريقة بمحافظة المنيا وصعيد مصر، وكان حدث مولده «أهم ما جرى فى الكون كله»، حسبما قالت «أم عمار» ابنة مراد بك الشريعى أحد أقطاب ثورة 1919، والوفدى الثائر القريب من سعد زغلول، والنائب البرلمانى الذى استضاف اجتماع مجلس النواب بداره فى بشارع محمد على يوم 28 يوليو 1928 حينما قررت الحكومة منع انعقاده بمقر المجلس، وفقا لما يذكره عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من كتابه «فى أعقاب الثورة المصرية، ثورة 1919». 

                                                      
كانت صدمة الأب والأم فى اكتشافهما أن عمار ولد كفيفا، يقول عنها فى حواراتى معه: «كان زلزالا عند أمى، وبطبيعة الحال لم يكن أبويا يتمنى ذلك، لكنه وجد نفسه أمام حقيقة لا فرار منها، فجهز نفسه لرحلة خاصة معى، تختلف عن باقى إخواتى، يزيد منها أننى كنت طفلا شقيا، سريع الحركة، طفل متعب لكل من حوله».
يضيف: «كان أمام أبى تجربة ملهمة للدكتور طه حسين بلدياتى، تصور أنه من الممكن أن يكررها معى فأحضر لى وأنا صغير شيخا يقوم بتحفيظى القرآن الكريم، كخطوة نحو التحاقى بالأزهر الشريف، كما فعل طه حسين، وبالفعل تمكنت من حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن، وأنا فى الرابعة من عمرى».
وفيما كان الأب يعد طفله عمار أملا منه أن يكون طه حسين آخر، كانت «أم عمار» ودون أن تدرى تضع البذرة الأولى لعبقريته الموسيقية التى ستجعله غواصا نادرا فى بحر النغم، يذكر عمار للمؤرخ والناقد الموسيقى الدكتور زين نصار بمجلة «الكواكب، 1 يناير، 2013»: «أمى كانت أول من غرس فى وجدانى حب الاستماع إلى الغناء، كانت تغنى لى أغانى متنوعة، فكانت تغنى لى أغانى تحنين، ولما كانت تغنى لى أغانى الأفراح كان ده يشجينى وأضحك وأنبسط، لأنها كانت تحفظ كما كبيرا من التراث الفلكلورى».


ويؤكد أخوه «على» فى برنامج «عمار الشريعى، نغم فى وجدان وطن» بقناة «الجزيرة الوثائقية»: «الوالدة كانت تحفظ من الفلكلور الشعبى أغنية «يالا تنام، يالا تنام، وأدبح لك جوزين حمام»، كان عمار ينصت للأغانى دى ويتفاعل معها بشكل غريب جدا». 


ويكشف عمار لمجلة الهلال «أغسطس 1999» عن فترة تكوينه: «عرق أمى بشكل عام كان ذواقا وعنده إحساس رفيع بالغناء، ولكن لا يحدث فيه غناء جماعى، كانت أمى تغنى على استحياء، وكانت مخزنا عبقريا للفلكلور المصرى، تحفظ التحنين والعديد وأغانى الفرح، وزارة ثقافة فلكلور متنقلة، وتمتلك سرعة استدعاء مذهلة، قبل أسبوع من وفاتها دخلت عليها المستشفى فاستقبلتنى بأغنية «ردى يا بنت أخت البيه»، والتى لحنتها فى مسلسل «هو وهى»، وهذه الأغنية جعلتها تستدعى أغنية «البيه أبوها قال لها ما تخطى»، عشت عمرى كله معها ولم أسمع منها هذه الأغنية التى جاءت «كده» قبل رحيلها بأسبوع».


يضيف: «أمى هى التى علمت منذ وقت مبكر أن هذا «الولد» المدعو عمار الشريعى يحب «المزيكا»، وكانت تحكى لى عن بكائى عندما كانت تغنى «عدودة» وعن سعادتى كلما غنت أغنية أفراح، لم أتذكر البكاء ولا الفرح، ولكنى أذكر جلساتى فى حجرها، والإيقاع على ظهرى.


أما خالى «حسن الشريعى» فكان عذب الصوت وله أذن موسيقية، ويحفظ أغنيات كثيرة، وعندما كان «يدندن» مع نفسه، يغنى «يا سلام» لحن عبدالعظيم عبدالحق، وكانت اختياراته خاصة جدا، يحب اثنين حبا شديدا هما عبدالعظيم عبدالحق ورؤوف ذهنى، وكان الثانى صديقه، وكثيرا ما كان يذهب إليه وهو فى حالة تلحين أو عندما كان يقوم بتسجيل لحن من ألحانه، وأظن أنه «انضرب علقة» بسبب رؤوف ذهنى فى يوم من الأيام، أذكر أنه بعد موت والده «شم نفسه»، وبدأ يتحدث ويقول بصوت عال: كنت مع رؤوف وحضرنا تسجيل «سنتين وأنا أحايل فيك» لليلى مراد، ويحكى عن صولو الناى والرق، ولا أنسى يوم جاء يحكى عن حضوره تسجيل لحن كمال الطويل «سمراء يا حلم الطفولة»، كان عمرى سبع سنوات، وكيف كنت أستعيد وألح على معرفة التفاصيل، كانت هذه الموضوعات مثيرة جدا لى، «أموت وأعرف ماذا يفعلون».










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة