أحمد برين.. زعيم مداحي الجنوب الكفيف الذي أنار قلوب التائهين

الثلاثاء، 23 أبريل 2024 03:14 م
أحمد برين.. زعيم مداحي الجنوب الكفيف الذي أنار قلوب التائهين أحمد برين
محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

صوت من عالم آخر، وكأنه معجزة إلهية مكتملة الأركان، ولهجة لم تتغير ولم تتبدل بفعل الزمان وتغير الأماكن، كفيف أنار بصيرة التائهين، بصير الروح الذي ألهم رؤية المدد، صوت لا يمكن أن تسمعه وتظل واقفا في مكانك، سيبقى الجسد ثابتا لكن القلوب والأرواح سوف تتحرر ولو لدقائق من سجن الجسد لتتمايل فى حركات إيقاعية وموسيقية تتناغم من الموسيقى الصوفية.. إنه كبير المداحين وزعيم المنشدين أحمد برين.

وتخليدًا لسيرته تعرض شاشة "الوثائقية" التابعة لقطاع الإنتاج الوثائقى بالشركة المتحدة قريبا فيلما عن سيرة الراحل الكبير، عبر تتبع رحلة الشيخ برين، وما فعله من تطوير لبنية الأنشودة والموال، وكذلك تطوير القصيدة العربية الصرفة.

وعن حياة الشيخ برين يمكن القول: إنه في عام 1944، بقرية الدير التابع لمركز إسنا بمحافظة الأقصر، لم يكن البيت الفقير الذي ولد فيه طفل اسماه والده أحمد يعلم أن هذا الطفل حين يكبر سيكون زعيما من زعماء دولة الإنشاد، ويجوب صوته العالم، ويتمايل على انغامه الملايين، من رحم المعاناة خرج أحمد برين ليبصر القلوب كالبصير الأكبر طه حسين الذي أنار العقول.

فقد "برين" بصره في طفولته بعدما أصيب بحمى كانت السبب فى فقدان بصره فى مرحلة مبكرة من حياته، كما فقد العميد بصره في الثالثة من عمره، كلاهما حفظ القرآن في الكُتاب وتعلموا في الأزهر الشريف، سافر برين إلى مدن الحضارة في أوروبا مداحا ومنشدا، وسافر طه حسين إلى الأزهر في القاهرة وباريس طلبا للعلم، وكلاهما عاش ظروفً اقتصادية واجتماعية سيئة انعكست على إبداع كليهما.

وعلى غرار الثنائيات العظيمة، اجتمع مع ابن شقيقته مع المُنشد الصعيدى محمد العجوز، وقدما معًا مواويل كـ "السفينة"، و"فرش وغطا" قبل أن يختلفا على طريقة الأداء، ويقرر كلا منهما أن يسلك طريقه في عالم الإنشاد، رافضا تغير أسلوبه وأدائه الذي عرفه به الناس، وكان أمرا فارقا في مسيرة الشيخ برين الذي سطع وحده واستطاع يصبح نجما من نجوم الإنشاد الجنوبي، يحبه الشباب قبل الكبار الذين وثقوا مديحه عبر المقاطع الصوتية المنتشرة على الإنترنت.

تميز الشيخ أحمد برين بين قرنائه من المنشدين بانفتاحه الشديد واهتمامه بقصص الأنبياء، وقصص المديح الشعبي، وفوق كل ذلك رواي من رواة السير الشعبية، عرفه الناس في الجنوب وبالتحديد من أسيوط حينما كان ينشد في مولد العذراء، وكذلك في المولد النبوي، لجتمع على حبه المسلمين والأقباط، ورغم إجادته للغة العربية إجادة تامة، بفضل حفظه للقرآن الكريم، لكنه لم يتغن بقصائد الحلاج وابن الفارض، بل وضع أسس المديح الشعبي، وفضل غناء الموال بشكل شعبي يضاهي القصائد التراثية.

لم ينل الشيخ برين حظه فى الشهرة بخلاف قرنائه من المنشدين، ولم ينل التكريم الكافي فى الغرب، ربما لقلة حفلاته المقامة فى الخارج وانطوائه الشديد، لكن الجميع اتفق على حبه وتقديره، ورغم غياب شيخ مداحي الجنوب، لكن لا يزال صوته يصدح في قلوب كل من سمعوه، ورغم أن "برين" لم يكن على دراية كافية بأهمية التوثيق وأرشفة أناشيده في المديح النبوى والغناء الصوفى، إلا أن المحبين والمولعون قاموا بهذه المهمة الذي ربما لم تكتمل، لنجد أنفسنا أمام مكتبة إنشاد كاملة اجتمعه على تأسيسها العشاق ورفعوا محتوياتها على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل اجتهادى تمامًا وغير مُنظم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة